قوله تعالى : (وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
إن قلت : المناسب إنك غفور رحيم ، قلت : هو مرتب على مخلوق وهو قوله تعالى : (يَسْعى نُورُهُمْ) [سورة الحديد : ١٢] ، إلى آخره في الآية ، معنى القلب أي يسعون بنورهم ، فإن سعي النور فإنما هو انتقال الكفار بالسيف والمنافقين بالاحتجاج انتهى ، فجيء فيه استعمال اللفظ الواحد يتبع انتقالهم إذ هو صفة لهم.
قوله تعالى : جاهدوا.
الكفار والمنافقين ، الزمخشري : جاهدوا الكفار بالسيف ، والمنافقين بالاحتجاج انتهى ، فجيء فيه استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه ، [.....] بأن يكون من باب علفتها تبنا وماء باردا أي جاهد الكفار وعارض المنافقين بالاحتجاج ، وهو من عطف الخاص على العام ، والجهاد أربعة أنواع أحدها : قتال الكفار ، والثاني : حضور معركة القتال للقتال ، وإن لم يقاتل كما فعل كثير من أكابر الصحابة ، والثالث : الدخول لأرض العدو للمقاتلة ، كما قال مالك : فيمن دخل أرض العدو للإغارة عليهم ، وإضافتهم أنه مجاهد فهذا كله جهاد وغائر تلك بينه وبين الرباط بأرض الإسلام لحراسة الإسلام من العدو ، الرابع : الخروج برسم الجهاد ، فقد قال مالك : فيمن خرجوا للجهاد فتغرقوا فحضر بعضهم الغنيمة إن الجميع يشتركون فيها ، وكذلك قال في السفن إذ غرقتهم الريح ، أن الغائبين عن الغنيمة يشاركون من حصر فيها ، فإن قلت : أعيان المنافقين من أين نعلمهم ، فإن كانوا معلومين عنده ، فليسوا بمنافقين ، لأن المنافق هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر ، وإن لم يكونوا معلومين عنده فيلزمه تكليف ما لا يطاق ، فالجواب : إنما ذلك في التكليف التأثيري ، كما لو أمر بقتالهم ، فيقول : لا يقاتلهم خشية أن تقع في المؤمنين منهم وهنا ، إنما أمر بإقامة الحجة فيقيها على الجميع يسمعها المنافق وغيره لعلها تنفع المنافقين من باب ما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب.
قوله تعالى : (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ).
إن قلت : ما فائدة التغليظ عليهم ، مع عذر الامتثال ، قلت : هو قطع لحجتهم وتعذرهم.
قوله تعالى : (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).