حمله ابن عطية على أصنامهم وآلهتهم التي ادعوا أن لها نصيبا في العبادة ، كما قال تعالى (وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [سورة يونس : ١٨] ، وحمله الزمخشري على الشركاء الموافقين لهم في العبادة والظاهر الأول ، إذ ليس ثم كفارا لأولهم نظائر في شركهم ، وأيضا فيعكسون هم ويقبلون النكتة ، فيقولون : هل لكم أنتم من يوافقكم في توحيدكم وعبادتكم ، والسؤال هنا على حقيقته اللغوية ، فالمراد به مطلق الطلب في اصطلاح الأصوليين ، لأن السائل هنا أعلى من المسئول.
قوله تعالى : (وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ).
الاستطاعة في اصطلاح المتكلمين هي القدرة على الفعل ، ومن شرط القدرة عندهم مقارنتها لمقدورها ، لأن الغرض عندهم لا يبقى زمنين فلا يقال في الجالس المتمكن من القيام ولا مستطيع القيام حتى يقوم بالفعل ، وأما في اللغة فهو التمكن من الفعل ، فإذا فسرناه بالمعنى اللغوي فيصدق عليهم كانوا قبل ذلك مستطيعين ، كما قال الزمخشري ، ثم يعود ظهرهم طبقا ، كما في البخاري في آخر كتاب منه.
قوله تعالى : (وَهُمْ سالِمُونَ).
كان بعضهم عند قراءة هذا المحل يخشع ويقول : والله ما سلموا ، وهذه فلتة لكن مراده صحيح ، لأن معنى سالمون متمكنون من الإتيان بالتكليف حتى لا عذر لهم ، ومعنى قول القائل : ما سلموا ، أي أن الله علم أنهم لا يؤمنون ولا يهتدون ، فهو من باب التكليف بما علم الله أنه لا يقع ، ولو لم يكن هذا مراده ، لكن كفرا لمخالفته صريح الآية فحاصله عدم إيجاد المثبت في سالمون والمنفي في سالمون.
قوله تعالى : (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ).
قيل : يؤخذ منه جواز إطلاق مثل هذا من غير توقف على مقابله ككفروا ، ومكر الله ، أجيب : بأن القرينة السياقية كاللفظية.
قوله تعالى : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ).
الحكم هنا القضاء الذي هو صفة ، فعلى الخطاب المتعلق بأفعال المكلفين.
قوله تعالى : (وَهُوَ مَكْظُومٌ).
كون الحال جملة ، وهو أبلغ من كونها مفردا ، لأن في الجملة إسنادين :