للأول أو أعم منه ، ويلزم من نفي الأعم نفي الأخص ولا ينعكس ، وكذلك يلزم من على المسبب على مسببه إذا كان أخص ، فإن قلت : هلا أفرد القول ، فيقال : لو تقول علينا قولا ، لأن العقوبة على الكذب في القول الواحد ، تستلزم العقوبة على الكذب في الأقوال المتعددة من باب أحرى ، فالجواب : أن القول تارة يكون مشتملا على جملة واحدة مدلولها ، وتارة يشتمل على جمل بعضها صدق وبعضها كذب ، فتضمنت هذه الآية أنه لو تكلم بأقاويل تقول علينا في بعضها وصدق في البعض ، لما جعلناه بالعقوبة الشديدة ، فيستلزم من باب أحرى مخاطبته بالعقوبة ، أن لو تكلم بقول واحد كله كذب.
قوله تعالى : (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ).
استدل بعضهم بهذه على أن الفاء في جواب الشرط لتأكيد التعقيب ، فضلا عن أن تكون للتعقيب ، حسبما ذكر الأصوليون والفقهاء الخلاف في قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) [سورة المائدة : ٦] ، وتقرير الدليل من هذه الآية ، أن جواب الشرط فيها لو لم يفهم على أن عقيب الشرط لما صح الاحتجاج على الكفار ، لأنهم يقولون : تقول وعقوبته مؤخرة ، وليست عاجلة في الدنيا ، فلا يستقيم الاستدلال عليهم بهذا ، فلو لا أن جواب الشرط بذاته يقتضي التعقيب من غير احتياج إلى إدخال العافية لما استقام هذا دليلا على الكافرين ، فدخول الفاء مؤكدة للتعقيب ، ويستحيل أن يكون الفاء غير مفيدة للتعقيب ، لأنه يناقض معنى ملزومية الشرط لجوابه ... (١) بأن ذلك الاختلاف إنما موجب يكون جواب الشرط أو نهيا ، وأما إذا كان جوابه خبرا ، فلا خلاف فيه ، أو يقال أن التعقيب هنا مستفاد من القرينة لا من نفس اللفظ ، لكن يقال : الأصل عدم القرينة ، قال القرطبي : يحتمل أن يرد باليمين القوة ، ومن زائدة ، أي لأخذنا بالقوة وحكى هذا في غاية الضعف ، لأن من لا تزاد في الواجب.
قوله تعالى : (فَما مِنْكُمْ).
إن قلت : هلا عطفه بالفاء كالأول ، فالجواب : أن النصرة مهما تصورت ، فلا تكون إلا من الجماعة عقب نزول البلاء ، وإن تراخت منه وأبطأت فلا فائدة فيها والقيام [٨٠ / ٣٩٩] صح.
قوله تعالى : (حاجِزِينَ).
__________________
(١) طمس في المخطوطة.