الذي هو الإطعام وإطعام الطعام [٨٠ / ٣٩٨] مقصد والحض عليه وسيلة ، والذم على ترك المقصد آكد فإذا أمروا على ترك الوسيلة ، فأحرى أن يذموا على ترك المقصد والوصف بالعظيم ، وانظر هل واحد من الأمرين علمه مستقلة فيستفاد منه أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أو العلة ، إنما قد عدم إيمانه ، والآية نزلت في أبي جهل ، وليست خاصة به ، لأن خصوص السبب لا يمنع من عموم اللفظ.
قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ).
الفاء للتسبيب وتقرير السببية ، أنه لما تقدم ذكر من أوتي كتابه بيمينه وفرحه وثوابه ، ومن أوتي كتابه بشماله وحسرته وعقابه ، وكان ذلك أمرا مغيبا لا يصدق به إلا من آمن ، أتى هنا بفاء السببية إشارة إلى أنه بسبب ذلك وقع القسم على أن القرآن المتضمن لما تقدم قول صادق ، ومنهم من جعل النفي لما تقدم ووجهه أن المنكر للحشر والنشر والحساب ، لا بد أن يأتي بشبهة على مذهبه ، وهؤلاء ليست لهم شبهة على تكذيبهم ، وينبغي على هذا أن يوقف على قوله : فلا ، وإن جعلت النفي متعلقا بالقسم ، فيكون غير مراد حقيقة ، أي هذا الأمر ظاهر بحيث لا يحتاج إلى القسم عليه ، وقرئ فلا أقسم على أنها لام الابتداء دخلت على فعل القسم.
قوله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ).
إن قلت : هلا قيل : لكلام رسول ، لأن الكلام أخص من القول ، لانطلاق القول على المقيد وغيره في الاصطلاح ، فالجواب : أنه إذا قيل هذا في القول المطلق على المقيد وغيره ، فأحرى الكلام ، فإن قلت : هلا قيل : إنه لقول رسول أمين من رسول صادق ، فالجواب : أنه ليس المراد حقيقة الكلام ، بل المعنى لقول رسول موصوف بالخير أو موصوف بالحسن والكمال.
قوله تعالى : (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ).
فيه سؤال يورد في حسن الائتلاف ، وهو ما الحكمة في تخصيص بتؤمنون ، والثاني : يتذكرون ، وجوابه : أن الشعر لما كان أمرا ظاهرا يدركه كل أحد بفطنته ، ويعرف أنه شعر عبر عنه بالإيمان الذي هو محمود التصديق ، ولما كانت الكهانة أمرا خفيا لا يدرك إلا بفكر وتأمل قرأنا بالتذكير.
قوله تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ).
تقرر أن لو عند النحاة منع فيها الثاني لامتناع الأول ، لأن الأول سبب في الثاني ، وعند الأصوليين يمتنع فيها الأول لامتناع الثاني ، لأن الثاني لا بد أن يكون متساويا