الوفاء بها والتحوط عليها فيفون بذلك ، فإن قلت : وعلى هذا يكون عطف وعهدهم ترقيا ، لأن العهد في الأشياء المشفقة والأمانة المجردة في الأشياء الخفيفة ، قلت : بل هو بدل لأنهم إذ أوفوا مع عدم الاستحلاف ، فأحرى مع الاستحلاف.
قوله تعالى : (بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ).
المراد تحملها على وجهها من غير تحريف فيها ولا نقصان ولا زيادة ، فلا يشهد إلا بما يستشهد عليه ، واحتج بها بعضهم على وجوب الإيذاء والظاهر الأول.
قوله تعالى : (فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا).
الفاء للتسبيب ، وتقريره أنه لما تضمن الكلام السابق أن الجنات والنعيم لمن اتصف بالصفات المذكورة ، هي أخص من الإيمان وأبلغ ، ودل ذلك بمفهومه على أن من حصل مجرد الإيمان ولم يتصف بتلك الصفات لا ينال ذلك النعيم ولا تلك الجنات ، وكان الكفار طامعين بالجنة ، أتى بفاء السبب ، أي كيف يطمعون فيها والمؤمنون لم يحصلوا تلك الصفات ليسوا على وثوق من دخولها.
قوله تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ).
أي عن يمينك وشمالك ، أو عن يمين كل واحد منهم وشماله.
قوله تعالى : (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ).
لم يقل : أيطمعوا لئلا يتوهم أن الطمع إنما هو لرد ما بهم ، ومن له قرابة بالنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، فإن قلت : إنما تعلق طمعهم بالجنة المقدرة الوجود لا بالجنة من حيث كونهم أثبتوها ، لأنهم لم يقروا بوجودها ، فهلا قيل : أيدخل جنة نعيم ، إن كان ثم جنة ، فالجواب : أنه رد عليهم ، وإثبات للجنة وتحقيق لوجودها.
قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ).
النفي هنا كما تقدم إلا في قوله (أَفَلا تُبْصِرُونَ) ، وما تبصرون أنه لما راجع لما قبله أو نفي القسم ، وهو الظاهر ويتأكد هنا لأن المقسم عليه أوضح من الأول ، بحيث لا يتصور فيه مخالف ، لأن قدرة الله تعالى على هلاكهم وإيجاد غيرهم أمر شاهد مألوف غير مستغرب ، في ما نجد الملوك والجبابرة الظالمين يهلكون ، ويأتي خير منهم بخلاف كون ذلك القول قول رسول كريم ، فإنه لا يعلمه ويقر به إلا المؤمنون ، وأما الكافرون فإنهم يخالفون فيه.
قوله تعالى : (رَبُّ الْمَشارِقِ).