شيئا مذكورا ، وكذا قال الزجاج إلا أنه حمل الإنسان على آدم عليهالسلام ، فقال : المعنى ألم يأت على الإنسان حين من الدهر كان فيه ترابا وطينا إلى أن نفخ فيه الروح ، انتهى ، وقال بعضهم : لا تكون هل للاستفهام التقريري وإنما ذلك من خصائص الهمزة ، وليس كما قال ، وذكر جماعة من النحويين أن هل بمنزلة إن في إفادة التأكيد والتحقيق ، وحملوا على ذلك : (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) [سورة الفجر : ٥] قدروه جوابا للقسم ، وهو بعيد ، والدليل الثاني : قول سيبويه وقد مضى أنه لم يقل ذلك ، والثالث : دخول الهمزة على مثلها في البيت والحرف لا يدخل على مثله في المعنى ، وقد رأيت عن السيرافي أن الرواية الصحيحة أم هل دام هذه منقطعة؟ [٨٢ / ٤١٠] بمعنى بل ، فلا دليل وبتقدير ثبوت ذلك الرواية فالبيت شاذ فيمكن تخريجه على أنه من الجمع بين حرفين لمعنى واحد على سبيل التوكيد كقوله : هؤلاء للانتماء بهم [.....] الذي في ذلك البيت أممثل لاختلاف اللفظين ، وكون أحدهما على حرفين ، كقوله :
فأصبحن لا يسألنه عن ما به أصعّد في علو الهوى أم تصوبا.
قوله تعالى : (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً).
فيه سؤال : وهو ما السر في العدول عن صريح المقابلة ، فيقال : إما شاكرا وإما كفورا ، ويقال : إما شكورا وإما كفورا؟ والجواب : أنه من حذف التقابل حذف شكورا لدلالة كفورا عليه ، وحذف كافر لدلالة شاكر ، والقسمة الممكنة باعتبار التقابل أربعة : شكور كفور ، شاكر كافر ، شاكر كفور ، شكور كافر.
قوله تعالى : (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ).
إن قلت : لم عبر في ذكر تعذيب الكفار بالإعداد ، ولم يقل في ذكر تنعيم المؤمنين : إنا اعتدنا للأبرار شرابا؟ فالجواب : أن اعتداد العذاب للمعذب أشد عليه ؛ لأن انتظار العذاب أشد من حصوله ، ولو ذكر في تنعيم المؤمنين لتألموا بعدم تعجيله مع أن الإنعام على إنسان بما لم يسبق له شعور أكمل مما سبق له شعور.
قوله تعالى : (لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً).
إن كانت إنما قوله (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ) للحصر فهذا تأكيد وإلا فهو تأسيس ، ويدل على أن إرادة وجه الله وإرادة الشكر والجزاء الآن لا [...] ، فإن قوله في المدونة في السلم الأول : إن أسلمت ثوبا فسطاطيا في ثوب فسطاطي إلى أجل فهو قرض ؛ فإن