الثالث : قوله تعالى : (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى) أي لك عندنا أعم مما أعطيت من كرامة الدنيا.
الرابع : قوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) قال أبو إسحاق : فترضيته بالفلاح في الدنيا والثواب في الآخرة ، وقيل : يعطيه الحوض والشفاعة ، ولا يرضى رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم أن يدخل أحد من أمته النار.
الخامس : ما عدده عليه من نعمه في آخر السورة.
السادس : أمره بإظهار نعمته عليه وشكر ما ما شرف به ، بقوله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) فإن من شكر الله على النعمة الحديث بها وهو خاص به عام لأمته ، قال ابن عرفة : فإن قلت : الترك أعم من الخصوص ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص ، فلو بدأ بنفي الأخص لكان تأسيسا فلم عدل عنه إلى التوكيد ، فالجواب أن التأكيد هنا أبلغ ؛ لأنه في مقام الاعتناء والتعظيم للنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، وتنزيه من الخصال الذميمة كلها.
قوله تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى).
في تفسيره وجوه أحسنها ما قاله الزمخشري : من أباه مات وهو في بطن أمه في سادس شهر ، وماتت أمه وهو ابن ثمان سنين ، فكفله أبو طالب وذلك من نعم الله عليه ، قال ابن عطية : وقيل لجعفر الصادق : لم يتم النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم؟ ، فقال : لئلا يكون عليه حق للمخلوق ، قيل لابن عرفة : العصمة تمنع ذلك ، فقال : أجمع المسلمون على أن السلامة من التكليف أحسن من الدخول في عهدة التكليف وقضاؤه وقصارى العصمة إنما توجب اتصاف المعصوم بالكمال ولا توجب اتصافه بالأكمل احتمال.
وقيل : لئلا يكون عليه سبيل وحق للمخلوق ، ورده ابن عرفة بأن عمه كفله فيلزم أن يكون عليه الحق ، قال ابن عرفة : وأورد سؤالا فقالوا اليتيم ماض فهلا عبر عنه بالماضي [٨٣ / ٤١٦] لمن يشاء ، قال : وأما المتكلمون ، فقالوا : إن القرآن على ثلاثة أقسام ؛ قسم في جنات الله وما تجوز له وما لا تجوز ، وقسم [في] أمور الدنيا ، وقسم في أمور الآخرة ، و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) تضمنت القسم الأول فقط ، ولذلك سميت سورة الإخلاص إنما فجعلت أو خلصت من صفات الله ، وأما (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) [سورة الكافرون : ١] فيضاف إلى هذه الأقسام الثلاثة قسم رابع وهو أن التعبد لا يصح له الإخلاص حتى يتبرأ من كل معبود سوى الله ، و (قُلْ يا أَيُّهَا