وحكى عياض في الإكمال في حديث الذي أمر أهله أن يحرقوه ويذروا نصفه في البر ونصفه في البحر ، وقال : لئن قدر الله تعالى علي ليعذبني عذابا شديدا في تكفير من شك في الصفات قولين ، وكذلك حكى الأصوليون في تكفير من جحد الصفات أصلا قولين متفقين على مسألة اختلف فيها القاضي أبو بكر الباقلاني وإمام الحرمين وهي هل الإيمان بالله مشروعا مشروطا بالإيمان بصفاته أم لا؟ وقدم الأمر إلا على الأنفس لأنه كذلك في الوجود الخارجي ، ولأن الجهاد بالأموال هو الأعم الأغلب لأن كثير يبدل ماله دون نفسه.
قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ).
نظير قوله تعالى في الأعراب : (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا) أي قل لهم : (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) وأنتم الكافرون.
قوله تعالى : (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ).
لما تضمن الكلام السابق تكذيبهم في قولهم : (آمَنَّا) تصبه ببيان أنهم على تقدير صدقهم في ذلك فإخبارهم به لمن هو عالم بضمائر هم تحصيل الحاصل ، وهل هذا يشكل قول الإمام مالك رحمهالله في كتاب الأيمان والنذور من المدونة من حلف لرجل أني أعلم كذا ليخبرنه وليعلمنه به فعلماه جميعا لم يبر حتى يعلمه أو يخبره مع أنه تحصيل الحاصل.
قوله تعالى : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
تأسيس لتناوله الظرف والمظروف وشموله الموجود والمعدوم شيء.
قوله تعالى : (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ).
إن كان الأعراب عن قولهم فهو إبطال ، وإن كان حق مقول النبي صلىاللهعليهوسلم وعلى آله وسلم فهو انتقال.
فإن قلت : هلا قيل : بل أنت تمن عليهم لأن مقاولتهم مع النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، قلت : في إسناد المن إلى النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم إيحاش ؛ لأنه مستقبح بخلاف إسناده إلى الله تعالى لأنه خالق الأشياء وفاعلها حقيقة فلا يصح تشبه الشيء إليه.
قوله تعالى : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).