مجاز لأنهم الآن ليسوا فيها إذ الخطاب للكفار أو للمتقين في الدنيا ، وعطف (نَعِيمٍ) من عطف الصفات ، كقولك : أعجبني زيد وحسنه.
فإن قلت : لم قال هنا : (وَنَعِيمٍ) ، وفي الذاريات (وَعُيُونٍ) [سورة الذاريات : ١٥] ، فالجواب : أنه تقدم هنا ذكر العذاب فناسب تعقيبه بذكر النعيم بخلاف تلك.
قوله تعالى : (وَوَقاهُمْ).
الأرجح كون الواو للحال لأن كونها للحال سلم من تقديم جلب الملائم على دفع المؤلم ، وإن كان المعنى إنهم لا يدخلون النار بوجه فيكون المراد بالمتقين المعنى الأخص والأ ... (١) المراد به الأعم ، أو المراد بالجحيم طبقات من طبقات جهنم.
قوله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا).
ظاهرة حقيقية وحمله الفخر على التنعيم المعنوي وهو نزعة فلسفية ، وفي الآية سؤال وهو أن الأمر الخارجي مقدم على الأمر التشكيلي ، وجاءت الآية على العكس فقدم فيها التفكه الجاري مجرى الأمر التكميلي على الأكل والشرب الجاري مجرى الضروري ، وجوابه أن المعنى كما تقدم أنهم يخالطون بأن يقال : (كُلُوا) زيادة في تفكههم والأكل حاصل لهم قبل التفكه وهو أعم من أكل التفكه والأكل ضروري.
قوله تعالى : (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
نص في صدق العمل على القول والفعل ، كقوله : " إنما الأعمال بالنيات" (٢) ، وجعل ابن عطية الزيادة في الدرجات باعتبار العمل ونفس دخول الجنة فضلا من الله تعالى وهو يحكم ، وهلا كان الأمر بالعكس ، فإن قلت الحديث : " لن يدخل الجنة
__________________
(١) طمس في المخطوطة.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم : ١ ، وأبو داود السجستاني في سننه حديث رقم : ١٨٨٦ ، والبيهقي في معرفة السنن والآثار حديث رقم : ١٥٦ ، والشهاب القضاعي في الشهاب في الحكم والآداب حديث رقم : ١٠٨٤ ، ١ ، والطبراني في المعجم الأوسط حديث رقم : ٧٢٣٤ ، ٤٠ ، وابن حبان في صحيحه حديث رقم : ٤٩٧٤ ، ٣٩١ ، والحميدي في مسنده حديث رقم : ٣٠.