أي يقال لهم : (أَفَسِحْرٌ) ، والمعطوف عليه مضموم ، والتقدير أنتم مقيمون على إنكار فهذا سحر أم أنتم مقرون أنكم كنتم لا تبصرون.
قوله تعالى : (اصْلَوْها).
صيغة أفعل هنا للإهانة ، قال ابن التلمساني : وفي (اصْبِرُوا) التسوية.
الزمخشري : فإن قلت : لم علل استواء الصبر وعدمه ، بقوله تعالى : (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) قلت : لأن الصبر إنما يكون له مزية على الجزع لنفعه في العاقبة بأن يجازى عليه الصابر جزاء الخير ، فأما الصبر على العذاب الذي هو الجزاء ولا عاقبة له ولا منفعة فلا فائدة فيه ، انتهى ، تقرير السؤال أن المشاهد في الدنيا أن الصابر على البلاء أحسن حالا من الذي لم يصبر ، فمساواة الصبر لعدمه سبب في مدح الصابر لا في التخفيف عليه في العذاب ولا في تشديده عليه ، فأجاب : بأنه قد يتوهم أن الصبر سبب في المكافأة عليه بتخفيف العذاب ، فقال : إنما تجزون عملكم موجب ، ويحتمل أيضا أن يجاب بأن قوله تعالى : (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) تعليل للحكم بمساواة الصابر لغير الصابر في العذاب ، والسؤال إنما يرد إذا جعلناه تعليلا للمساواة ، وتعليل الحكم بالمساواة لأنا نجد بعض الناس يصيبه الألم فيعظم قلقه ولا يصبر ، وآخر يصبر على الشدائد [٧٠ / ٣٤٦] العظام فيكون ذلك سببا لحقة الألم عنه وهو أحسن حالا من الأول ، فاخبر الله تبارك وتعالى أن هؤلاء عوقبوا بأمرين بالعذاب ، ويجعل صبرهم مساويا لعدم صبرهم في أنه لا فائدة تنشأ عنه ، ومعنى (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي جزاء عملكم ، وفيه من الترك فعلي ، وهي مسألة اختلف فيها في الأصول والفروع.
قال الفخر في المعالم : مذهب المعتزلة أن الترك فعل ويلزم منهم عليه الكفر ، وهو أن البارئ عزوجل يكون الأزل فاعلا فيلزم عليه قدم العالم ، وعد ... (١) محرز في كتاب القيد من ذلك مسائل كثيرة ، وعبر في تعملون بلفظ للتصوير.
قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ).
الزمخشري : أي في (جَنَّاتٍ) ، وَأي (نَعِيمٍ) بمعنى الكمال في الصفة ، أو في جنات ونعيم مخصوص بالمتقين ، انتهى ، أراد أنه إذا صدق مقيدا صدق مطلقا ، كما قال المنطقيون في سفينة من حجراتها يصدق عليها سفينة ، وقوله (فِي جَنَّاتٍ)
__________________
(١) بياض في المخطوطة.