إشارة إلى تغليظ العذاب وشدته ، وأنه إذا كان بتحقق وقوعه مع استحضار مقام التربية والحنان والشفقة ، فأحرى مع استحضار مقام الجبروت والعزة والقوة والانتقام.
وقال الفخر : ذكر الرب إشارة إلى أن المكلف لا يزال طامعا في رحمة الله راجيا عفوه.
قوله تعالى : (يَوْمَ تَمُورُ).
قال مكي : العامل فيه واقع ولا يصح أن يعمل فيه ما له من دافع.
قال أبو حيان : ولم يبين له وجها ، انتهى. توجيهه أن القضية السالبة عند المنطقيين لا تقتضي وجود الموضوع ولا إمكان وجوده.
فإذا قلت : ليس زيد بقائم أمكن أن يكون جالسا وأن يكون معدوما ، فأثبت أولا وقوع العذاب بالإطلاق أعم من أن يكون في ذلك أو غيره ، ثم أخبر أنه ليس له رافع في ذلك اليوم ، ونفي الرافع أعم من وجود المرفوع في ذلك اليوم وهو العذاب أو عدم وجوده ، وإذا كان العامل فيه أن عذاب ربك لواقع اقتضت الآية إثبات وقوع العذاب في ذلك اليوم ، وفي الآية رد على الطبائعية القائلين بأن هذه السماوات لا تقبل الانفطار ولا الزوال ، بدليل أكد تمور بالمصدر فدل على أنه حقيقة لا مجاز.
فإن قلت : قدم هنا السماء على الجبل ، وعكس في أول السورة فقدم الجبل على السماء ؛ لأنه قدم الطور على السقف؟ فالجواب : بما أجاب به ابن مالك ، في قوله تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) [سورة الغاشية : ١٧] الآية ، قال : العادة أن الإنسان إذا أحسن بأمر مهول مخوف فأول ما ينظر إلى جهة فوق ثم ينظر إلى أسفل ، وهذه الآية جرت مجرى التخويف فابتدأ فيها بما إليه الإنسان أولا ، واليوم يحتمل أن يراد به اليوم المعهود والذي هو دورة أو نصف دورة ، والمقدار الحالي من الزمان كما أراد زهير في قوله : وأعلم علم اليوم فيكون المراد مقدار زمن المور والسير ، والظاهر الأول ليكون اليوم أوسع من ذلك يسعه ويسع غيره.
قوله تعالى : (يَوْمَ يُدَعُّونَ).
بدل من اليوم الأول ، إما بدل شيء من شيء إن كان الأول بمعنى الدورة أو نصف الدورة ، وإما بدل بعض من كل إن كان الأول بمعنى المقدار من الزمان ، ويكون الأول أوسع زمنا من الثاني.
قوله تعالى : (أَفَسِحْرٌ هذا).