رفع المفاسد ، ونعم جلب المصالح ، ونعم الدفع عظم ، وأكد من نعم الجلب ، وهي المذكورة في الآية فعدم الجنون راجح إلى الدنيا ، وعدم الكهانة راجع إلى الدين.
قوله تعالى : (أَمْ).
أبو حيان : منفصلة ، وحكى فيها ابن الصائغ ثلاثة أقول المشهور فيها تقدر ببل والهمزة ، وذهب الكسائي إلى أنها تقدر ببل خاصة وذهب فيه غيره إلى أنها تقدم بالهمزة خاصة.
قوله تعالى : (نَتَرَبَّصُ بِهِ).
خصص التربص هنا بوصف الشعر ، وفي أية أخرى بقى على وصف الجنون في قوله تعالى : (هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ) [سورة المؤمنون : ٢٥] ، وهذا كلام من فخبر عن المناظرة.
قوله تعالى : (فَإِنِّي مَعَكُمْ).
لم يقل : فإني بكم كما قالوا به إشارة لعدم المبالاة بهم ، أتى مع المقتضية للمشاركة لهم في تربصهم به ويكون من باب القول بالموجب ، والمعنى أقول موجبه ولكنكم تربصكم بانتظاركم ما يسؤكم.
قوله تعالى : (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ).
الفخر : (أَمْ) هنا متصلة بعطف المتصلة عليها ، إذ لا يصح تقديرها ببل انتهى ، راعى المعنى ، وغفل عن قواعد النحو ، فإن المتصلة لا يليها إلا المفرد ، وهذان بعدهما الجملة فهما منفصلتان ، تقدر أن ببل والهمزة ، وإنما يلزم ما قاله عند من يقدره ببل فقط ، لأنه يفسد المعنى حين إذ وأما ، على تقدير بل والهمزة فيهما ، فالمعنى صحيح لأنا لم نثبت لهم بل الاستفهام في معنى النفي ، ومعنى الأول : أنهم جاهلون جهلا مركبا ، أو جهلا بسببها ، ثم قال (أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) ، أي كافرون طغيانا وعنادا.
فقول الزمخشري المنقول أشد من الكذب انتهى ، بيان قوله أشد أن الكذب الحلف فيه من جهة واحدة ، والحلف في المنقول من وجهين يتناوله أن القائل : حدثني زيد بكذا الحديث يرويه زيد ، ولكنه لم يحدث به هو كاذب ، فإن قاله في حديث لم يروه زيد ، بل إنما رواه عمرو فهو منقول على زيد ، لأنه كذب في أمرين : هما نسبته إليه ما لم يروه ، وفي تقوله عليه أنه حدثه به ، ولم يحدثه به.