قوله تعالى : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ).
قال الحجاج : فرعون افتخر بملك مصر وليست بذلك ، وإنما المحمودة دمشق على مصر أقل البلاد قدرا.
وقد رد ابن طاهر على الحجاج في مقالته هذه ، قيل له : (أَفَلا تُبْصِرُونَ) راجع ، لقوله : (لِي مُلْكُ مِصْرَ) ، ولقوله تعالى : (الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) أو إلى المجموع ، فقال : لا يصح الأول ، وأما الثالث فيلزم فيه استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه ، والثاني ظاهر قوله تعالى : (فَلَمَّا آسَفُونا) ، كقوله تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [سورة الفتح : ١٠] أي آسفوا رسلنا.
قوله تعالى : (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً).
يقتضي ذم الجدال في العلم ولا شك في ذمه ، فيقتضي ذم جميع الجدال لأن الآية عامة.
قيل له : الجدال المفهوم ما كان في [...] الحق والمخالطة فيه ، فقال نحو طريق لهما : أعني لإظهار الحق والباطل والذم تسلط على الأعم ، فلا موجب لتخصيصه مع أنه ليس من العلم في شيء لأنه يوجد عالم غير جدلي ، وجدلي غير عالم ، وأيضا فالعلم محله لا يطل عليه مانع لأن محله إما العمل أو التكليف ، والجدل محله استعماله قد يطل عليه مانع بأن ينسل لسانه فيبقى عدمه ووجوده شيئان فالعلم غير معروض ، والجدل معروض.
قال الشيخ : ومن قوله : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ) إلى قوله : (وَلَمَّا جاءَ عِيسى) فإن قلت : لم قال : تشتهيه الأنفس ولم يقل أنفسنا؟ قلت : إشارة التعميم ، فإن كان ما يسمى هو فيها.
فإن قلت : لم ذكر الأنفس والأعين دون الإسماع؟ قلنا : لأن لذة السمع أقرب إلى النفس من البصر ، وجمع الأنفس جمع قلة إشارة إلى قلتها في النسبة إلى كثرة ما أعد الله لها من النعيم ، ولم يجمع في القرآن جمع كثرة ، إلا في قوله تعالى : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ) [سورة الإسراء : ٢٥] إشارة إلى عموم علة ، وهي قوله تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) [سورة التكوير : ٧].
قوله تعالى : (وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ).
لأنها طريق إلى لذة النفس ، لأن النفس لا لذة لها بدون العين بدليل الأعين ولم يذكر حاسة السمع لأنها بالنسبة إلى غيره.