لم يقل : ما زاغ بصر محمد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، إشارة أن ذلك المري .... (١) نفسه ، بحيث أن لو كشف عن بصر كل أحد من الناس ، قال شيخنا : نقلت أيضا من خطه ما طغى ليس بتكرار ، لأن الزيغ إدراك بعض المرئي ، وميل البصر عن إدراك باقيه ، والطغيان إدراك الشيء أكثر مما هو عليه ، أو أكثر مما هو في عدده انتهى ، وتكرير لقطة ما لوجهين :
الأول : أن عدم ذكرها يوهم ثبوت المعطوف.
الثاني : إفادة بقيهما مجتمعين ومفترقين ، كما قال السهيلي.
قوله (أَفَرَأَيْتُمُ) ، ابن عطية : هي من رؤية العين ، أي أفابصرتم ، أبو حيان : أي أفعلتم ، ومفعولها الأول (اللَّاتَ) ، والثاني : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى) ، الطيبي :
قال الزجاج : أن المعنى أخبروني عن اللات والعزى ومناة أهن كسائر المخلوقات ، أو لهن لخصوصية انتهى ، والمعطوف عليه بالفاء مقدر تقديره على قول الزجاج : أنظرتم وتأملتم فرأيتم اللات والعزى ومناة ، أي فأخبروني عن هذه الجمادات ، وعلى قول ابن عطية : أعرفتم ما دلت عليه هذه المخلوقات فأبصرتم اللات ، الطيبي : والأخرى ليست تأنيث آخر ، لأنه لا يوصف بآخر إلا ما كان من جنس الأول في اللفظ ، تقول : رأيت رجلا ورجلا آخر ، وعالما وعالما آخر ، ولا تقول : رأيت رجلا وثورا آخر ، قال : هو مجازا لا حقيقة.
قوله تعالى : (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى).
أي اختصاصكم بالذكور ، وإن كان قسمة فهي أفادت قسمة جائزة ، فإن قلت : ما أفادت إذا قلت الدلالة على الجزاء ، فإن قلت : الجزاء من فعل المخاطب ، كقولك لمن قال : آتيك غد : إذا أكرمك ، فالجواب : من فعل المتكلم كقولك : لمن قال :
آتيك إذا تجدني ، قلت : وقد يكون الجزاء من فعل المتكلم ، كقولك لمن قال : آتيك غدا تصيب خيرا ، وكذلك هنا جوزوا على فعلهم بالتهديد ... (٢) بأنها قسمة ضيزى ، فإن قلت : هذا كما يقول ابن الحاجب : مسلكان على التبرك فقبح عليهم بنسبتهم الأولاد إلى الله ، ثم على فقد تسليم ذلك جدلا ، فإنما حقهم كان أن ينسبوا إليه الأشرف لا الأدنى قوله (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ) ، قالوا : يحتمل أن يعود الضمير على مجرد الأسماء المتقدمة ، أو عليها من حيث مدلولاتها ، فالمعنى أن هذه
__________________
(١) طمس في المخطوطة.
(٢) كلمة غير واضحة بالمخطوطة.