الأسماء اخترعتموها ، وليست لها مسميات حقيقية ، أو المعنى إلا الأسماء اخترعتموها من غير إسناد منكم إلى برهان ، ولا دليل شرعي ولا عقلي ، وعلى الثاني يكون على حذف مضاف ، أي إن هي إلا ذوات أسماء ، الأول أشنع عليهم ، وفائدة التأكيد بأنتم زيادة في القبيح عليهم وإلا فالفصل بالمفعول قائم مقام التأكيد ، وفي الآية حجة لمن يقول إن الاسم غير المسمى ، وقال ابن الخطيب : لو كان الاسم غير المسمى للزم عليه حدوث أسماء الله تعالى لأنها لم تكن في الأزل ، لأن المراد بالاسم على هذا اللفظ انتهى ، الاسم يطلق ويراد به المعنى المدول عليه ، أعني الصفة ، كقوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) [سورة الأعراف : ١٨٠] ، أي الصفات الحسنى ، وقوله (سَمَّيْتُمُوها) ، يدل على الأسماء اصطلاحية.
قوله تعالى : (وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ).
لم يقل : لم تهوى أنفسهم ، إشارة إلى إتباعهم هوى نفوسهم ونفوس آبائهم ، كما قال تعالى : (سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) ، وهذا أشد عليهم وأشنع.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى).
ذمنهم على اتباعهم هواهم مع وجود الهادي لهم ، وهو أقبح من اتباع الهوى حالة عدم المرشد إلى الحق.
قوله تعالى : (أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى).
ابن عطية : معطوف على (وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ) ، اعتراض انتهى ، بل هو معطوف على ولقد جاءهم ، والمعنى بل يتبع الإنسان أمنيته مع وجود الوازع والهادي له إلى الحق.
قوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ).
وجه مناسبتها أنها رد على الكفار في اتخاذهم الأصنام ، وقولهم : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [سورة يونس : ١٨] ، فقيل : إن الملائكة من أشرف المخلوقات ، ومع هذا فلا تغني شفاعتهم شيئا ، إلا بإذن الله ، فمفهومها إذن بعضهم يشفعون ، وتغني شفاعتهم ، والثابت في نفس الأمر أنه لا يغني شفاعة أحد من الملائكة بوجه فهلا قيل : وكل الملائكة لا تغني شفاعتهم ، فهو أبلغ ، وأجاب : بأن المقصود الرد عليهم في قولهم : هذه الأصنام تشفع ، وذلك يحصل ببيان أن ملكا من الملائكة لا تقبل شفاعته ، فاكتفى بذلك ، ولم يقل ما منهم أحد ، لأنه أقرب إلى المنازعة فيه ، من قوله كثير ، مع أن المقصود حاصل به انتهى هذا السؤال ، إنما يرد إذا جعلنا الإذن في قوله (إِلَّا مِنْ