بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ) ، راجعا إلى الإغناء ، فليزم عليه أن يكون بمعنى الملائكة يعني غير إذن ، ولنا أن نقول : الإذن إنما هو راجح إلى الشفاعة فكثير من الملائكة لا يشفعون إلا بإذن ، وباقيهم ، وهم أيضا بأنه إذا سلب إغناء الشفاعة عن الكثير من العالم العلوي ، مع كونه مظنة للقبول ، فأحرى عن معبودهم الأرضي.
قوله تعالى : (لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى).
راجح للشافع والمشفوع فيه ، ويرجح لمعنى الكلام والإرادة فالإذن الكلام والرضى للإرادة ، وقال ابن العربي : المشيئة مرادفة للرضى والإرادة ، وأفاد من بعد أول أزمنة العبودية فيقتضي شدة أمثالهم وسرعة مبادرتهم بنفس الإذن ، لأنك إذا قلت : جاء زيد بعد عمرو يحتمل أن يكون بينهما مهلة طويلة أو قصيرة ، فإذا قلت : جاء زيد من بعد عمرو فالمعنى جاء عقبه في أول أزمنة البعدية ، الزمخشري : يعني أن الملائكة لو شفعوا بأجمعهم لأحد لن تغني شفاعتهم عنه شيئا ، إلا إذا شفعوا من بعد أن يأذن لهم في الشفاعة لمن يشاء ويرضاه أهلا لمن يشفع له ، فكيف تشفع الأصنام إليه لعبدتهم؟ انتهى ، هذا الاعتزال فيه بل هو موجبه محمل السني على مذهبه ، فالشفاعة عند المعتزلي في تعجيل الحساب وعلو الدرجات في الجنة به ، وعندنا يجيء فيهما وفي خروج طائفة من النار.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ).
أكد بأن مع أنهم لا يخالفون في صدور ذلك منهم ، لأنهم لما وردت الآية للإنكار عليهم والتقبيح لفعلهم ، فهم معرض الإنكار لذلك ، وقال : (لا يُؤْمِنُونَ) ، ولم يقل : يؤمنوا إشارة إلى أن هذا الوعيد إنما يتناول من ختم عليه بالكفر منهم.
قوله تعالى : (تَسْمِيَةَ الْأُنْثى).
لم يقل : يسمون [٧١ / ٣٥١] الملائكة إناثا لأنهم ما سموهم إناثا ، وإنما سموهم بأسماء الإناث ، فقالو هم بنات الله.
قوله تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) أي الظن الباطل ، (الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً).
أي لا يكفي الظن في الأمور الاعتقادية العلمية ، ابن التلمساني : النظر والاستدلال في الأمور الاعتقادية فرض كناية ونحوه ، ونقل المسيلي في التذكرة عن الغزالي : وفي كلام الغزالي في الاقتصاد ما يدل عليه ، وقال الإسفراييني ، وابن العربي ، والباجي : إن النظر فرض عين على كل ، واختلف هؤلاء فالأكثرون على أنه ليس يشرط في الصحة