تعالى لم يفعل ذلك لعدم استحقاقهم له كي يكون دليلا على البراءة وعلى نفي العقاب مطلقا أي الدنيوي والأخروي جميعا قبل البيان بل لعله لم يفعل ذلك منة منه تعالى عليهم ولا يمن على غيرهم ودعوى ان نفي التعذيب كان لعدم الاستحقاق بلا كلام لوضوح استقلال العقل بذلك هي عدول عن التمسك بالآية الشريفة إلى غيرها ونحن لا ننكر استقلال العقل به وهو دليل مستقل كما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى فانتظر.
(قوله ولو سلم اعتراف الخصم بالملازمة بين الاستحقاق والفعلية لما صح الاستدلال بها إلا جدلا ... إلخ)
(وتوضيح المقام) ان الآية الشريفة قد استدل بها الأخباريون لنفي الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع بدعوى ان ما حكم به العقل قبل بعث الرسول مثل وجوب قضاء الدين ورد الوديعة وحرمة الظلم ونحو ذلك لو كان الشرع يحكم به أيضاً لكان عذاب قبل بعث الرسول فحيث لا عذاب قبل البعث فلا حكم للشرع قبله فيثبت التفكيك بين حكم العقل وحكم الشرع في الخارج (وقد رد الأصوليون) على الاستدلال المذكور بان الآية ليست لنفي استحقاق العذاب قبل البعث كي يستكشف به عدم حكم الشرع قبله بل لنفي فعلية التعذيب وهو أعم من نفي الاستحقاق ولعلهم كانوا مستحقين له فلم يعذبهم تعالى منة منه عليهم فإذا كانوا مستحقين له كفى ذلك في ثبوت حكم الشرع على طبق ما حكم به العقل من قبل بعث الرسول فلا يثبت التفكيك (وقد جمع) بعض الأصحاب بين التمسك بالآية للبراءة وبين الرد على الاستدلال المذكور فأورد عليه بالتناقض فإن التمسك بها للبراءة مما يبتني على نفي الاستحقاق والرد على الاستدلال المذكور مما يبتني على نفي الفعلية فان كانت الآية لنفي الاستحقاق صح التمسك بها للبراءة ولم يصح الرد على الاستدلال المذكور وان كانت لنفي الفعلية صح الرد على الاستدلال المذكور ولم يصح التمسك بها للبراءة (والشيخ) أعلى الله مقامه مع انه ممن لا يرى التمسك بها للبراءة كما عرفت