والاقتصار على الفرد المتيقن المعلوم وجوبه وذلك نظراً إلى كون التعيين كلفة زائدة وهي ضيق على المكلف وحيث لم يعلم فهي موضوعة عنه بل يظهر منه في المقام الأول من مقامات التراجيح أن ذلك مذهب جماعة في مسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير ولكنه أخيراً في الأقل والأكثر قوي جانب الاحتياط والاقتصار على الفرد المتيقن (وهو الأصح) فإن العلم الإجمالي إما بتعلق الوجوب التعييني بالفرد المتيقن أو الوجوب التخييري بكل من المتيقن والمشكوك ينحل إلى العلم التفصيلي بوجوب المتيقن لا محالة إما تعيينياً أو تخييرياً والشك البدوي في وجوب المشكوك فيقتصر قهراً على الفرد المتيقن وتجري البراءة عن المشكوك وهكذا تجري أصالة عدم تعلق الوجوب التخييري به فتأمل جيداً.
(الخامس) ما إذا أمر بطبيعة وكان لها فرد متيقن وفرد مشكوك كما إذا قال أكرم عالماً ولم يعلم ان العالم هل هو منحصر بزيد كي يتعين إكرامه عقلا أو لا ينحصر به بل كل من زيد وعمرو عالم فنتخير بين إكراميهما عقلا (ويطلق على هذا القسم) بدوران الأمر بين التعيين والتخيير العقليين ويجري فيه جميع ما تقدم في الدوران بين التعيين والتخيير الشرعيين وفي الدوران بين التعيين الشرعي والتخيير العقلي حرفاً بحرف.
(ثم إن) من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير العقليين ما إذا احتمل أقوائية المناط في أحد المتزاحمين أو في أحد الطرفين من دوران الأمر بين المحذورين فإن أقوائية المناط مرجح عقلي في كلتا الصورتين جميعاً فإذا احتمل وجودها في أحد الجانبين معيناً فيحتمل فيه التعيين العقلي كما انه حيث يحتمل عدم وجودها في كلا الجانبين فيحتمل فيهما التخيير العقلي فيكون الأمر فيهما دائراً بين التعيين والتخيير العقليين فيجب الاحتياط فيهما أيضاً فان العقل لا يكاد يجوز رفع اليد عن المتيقن المعلوم والأخذ بالمقابل المشكوك الغير المعلوم.
(بقي) شيء وهو أن جميع ما تقدم في الشك في الوجوب التخييري يجري