الاستمرار وجوه يستدل للأول بقاعدة الاحتياط واستصحاب حكم المختار واستلزام العدول للمخالفة القطعية المانعة عن الرجوع من أول الأمر إلى الإباحة (انتهى) ولم يذكر أعلى الله مقامه ما يستدل به للوجه الثاني أي لاستمرار التخيير إلى الآخر كما انه لم يذكر للوجه الثالث شيئاً (وعلى كل حال) قد عرفت في صدر البحث ان التخيير في المقام (إما عقلي) بين الفعل والترك لعدم ترجيح أحدهما على الآخر (وإما شرعي) قياساً لما نحن فيه بتعارض الخبرين الجامعين لشرائط الحجية (وعليه) فالمستدل بقاعدة الاحتياط (ان كان) ممن يقول بالتخيير العقلي فلا وجه للاستدلال المذكور فإن العقل الحاكم بالتخيير لا يكاد يتحير في حكمه فإنه إما يحكم بالتخيير بدواً أو يحكم به إلى الآخر فلا شك له كي يحتاط ويختار في الواقعة الثانية عين ما اختاره في الأولى نظراً إلى دوران الأمر بين التعيين والتخيير (وان كان) ممن يقول بالتخيير الشرعي فله وجه بدعوى احتمال حكم الشارع بوجوب الأخذ بما اختاره أولا على التعيين فيكون المقام من دوران الأمر بين التعيين والتخيير الشرعيين (ولكن الدافع) لهذا الاحتمال هو استصحاب التخيير السابق كما ان به يندفع استصحاب حكم المختار أيضاً لوروده عليه فإن الأول سببي والثاني مسببي (واما استلزام العدول) للمخالفة القطعية ففيه انه إذا اختار في الواقعة الثانية غير ما اختاره في الواقعة الأولى فالمخالفة القطعية العملية وان كانت تلزم ولكن الموافقة القطعية العملية أيضاً تلزم ولم يعلم أن مصلحة الموافقة القطعية هي أقل من مفسدة المخالفة القطعية (ومن هنا) قد اختار الشيخ أعلى الله مقامه التخيير الاستمراري وصرح به وان كان يظهر منه في المخالفة الالتزامية للعلم الإجمالي في بحث القطع ما يخالف ذلك (قال) فيما أفاده هناك (ما لفظه) لأن المخالفة العملية الغير اللازمة هي المخالفة دفعة وفي واقعة واما المخالفة تدريجاً وفي واقعتين فهي لازمة البتة والعقل حاكم بقبح المخالفة التدريجية إذا كان عن قصد إليها ومن غير تعبد بحكم ظاهري عند كل واقعة لأن ارتكاب ما هو مبغوض للمولى عن قصد قبيح ولو كان