(ثم قال) وقيل وما كان الله ليعذب قوماً فيضلهم عن الثواب والكرامة وطريق الجنة بعد إذ هديهم ودعاهم إلى الإيمان حتى يبين لهم ما يستحقون به الثواب والعقاب من الطاعة والمعصية (ثم قال) وقيل لما نسخ بعض الشرائع وقد غاب أناس وهم يعملون بالأمر الأول إذ لم يعلموا بالأمر الثاني مثل تحويل القبلة وغير ذلك وقد مات الأولون على الحكم الأول سأل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ذلك فأنزل الله الآية وبين انه لا يعذب هؤلاء على التوجه إلى القبلة الأولى حتى يسمعوا بالنسخ ولا يعملوا بالناسخ فحينئذ يعذبهم عن الكلي (انتهى).
(أقول)
سواء كان الإضلال بمعنى الخذلان أو بمعنى الحكم بالضلالة أو بمعنى التعذيب قد دلت الآية الشريفة على نفيه قبل البيان من غير اختصاص بقوم دون قوم فتكون هي دليلا قاطعاً على البراءة ولو في خصوص الشبهات الحكمية التي من شأنه تعالى البيان فيها (ومن هنا يظهر) ضعف ما أورده الشيخ على الاستدلال بها (بقوله) وفيه ما تقدم في الآية السابقة (انتهى) فإن الآية السابقة قد أخبر فيها سبحانه وتعالى بنفي تعذيب الأمم السالفة ما لم يبعث فيهم رسولا وليس فيها دلالة على انه يعامل الجميع هذه المعاملة ولعلها كانت مختصة بهم بخلاف هذه الآية فانها تدل على نفي الإضلال قبل البيان مطلقاً من غير اختصاص بقوم دون قوم وان كان سبب النزول أناساً مخصوصين.
(نعم ليس فيها) دلالة على ان نفي الإضلال قبل البيان هل هو لنفي الاستحقاق أو للتفضل ولكن لا يضر ذلك بالمقصود بلا كلام فإن مجرد نفي الإضلال قبل البيان مما يكفي للمقام وان كان للتفضل ولم يكن لعدم الاستحقاق (اللهم) إلّا أن يقال إن الآية مما تدل على نفي الإضلال قبل البيان ونحن في الشبهات الحكمية نحتمل البيان واختفاءه علينا فإذاً يكون التمسك بها تمسكاً بالدليل في الشبهات المصداقية (ولكن يرده) ان المراد من البيان فيها ليس هو مطلق البيان ولو لم