الفاضل التوني لأصل البراءة أن لا يتضرر بإعمالها مسلم كما لو فتح إنسان قفس طائر فطار أو حبس شاتا فمات ولدها أو أمسك رجلا فهرب دابته فإن إعمال البراءة فيها يوجب تضرر المالك فيحتمل اندراجه تحت قاعدة الإتلاف وعموم قوله صلىاللهعليهوآله لا ضرر ولا ضرار فإن المراد نفي الضرر من غير جبران بحسب الشرع وإلّا فالضرر غير منفي فلا علم حينئذ ولا ظن بأن الواقعة غير منصوصة فلا يتحقق شرط التمسك بالأصل من فقدان النص بل يحصل القطع بتعلق حكم شرعي بالضار ولكن لا يعلم أنه مجرد التعزير أو الضمان أو هما معا فينبغي له تحصيل العلم بالبراءة ولو بالصلح (انتهى).
(أقول)
وفي قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا ضرر ولا ضرار كما سيأتي احتمالات عديدة من جملتها أن يكون المراد هو نفي الضرر الّذي لم يحكم الشرع بجبرانه وتداركه فيكون هو من أدلة الضمان نظير قوله من أتلف مال الغير فهو له ضامن وكلام الفاضل التوني مبني على هذا المعنى (وعلى كل حال) محصل كلامه أنه لا تكاد تجري البراءة في الأمثلة المذكورة وذلك لأمرين.
(أحدهما) أنها مما توجب الضرر على المالك فيحتمل اندراج المورد تحت قاعدتي الإتلاف والضرر فيكون مما فيه نصّ لا مما لا نصّ فيه كي تجري فيه البراءة
(ثانيهما) انه يعلم إجمالا بتعلق حكم بالضار لا محالة إما التعزير وإما الضمان وإما هما معا ومع هذا العلم الإجمالي لا تكاد تجري البراءة فيجب تحصيل العلم ببراءة الذّمّة ولو بالصلح.
(وقد أورد الشيخ) أعلى الله مقامه على الأمر الأول (بما هذا لفظه) ويرد عليه انه إن كانت قاعدة نفي الضرر معتبرة في مورد الأصل كانت دليلا كسائر الأدلة الاجتهادية الحاكمة على البراءة وإلا فلا معنى للتوقف في الواقعة وترك العمل بالبراءة ومجرد احتمال اندراج الواقعة في قاعدة الإتلاف أو الضرر لا يوجب رفع