(أقول)
أما لزوم التخصيصات الكثيرة في القاعدة بناء على كونها لنفي الأحكام الضررية فهي موهن قوي جدا فإن الأحكام الضررية كثيرة في الإسلام كالزكاة والخمس والحج والجهاد والنفقات والكفارات بل الصلاة نظرا إلى توقفها على الستر وتحصيل الماء للغسل أو الوضوء ولو بثمن كثير ونحو ذلك فيجب إخراج هذه الأحكام كلها عن تحت القاعدة وهكذا يجب إخراج الأحكام التي استلزمت أحيانا بعض المراتب النازلة من الضرر كما إذا توقف فعل الصلاة أو الصيام أو الطواف وترك الزنا أو الخمر أو القمار ونحو ذلك من التكاليف المهمة على تحمل وجع في الظهر أو ضعف في القوي أو ضعف وعصر أو نقص درهم أو درهمين في المال أو ما يقرب من ذلك فإن أمثال هذه الواجبات والمحرمات مما لا تسقط بمثل هذه الأضرار قطعا (وهذا بخلاف) ما إذا قلنا إن القاعدة هي لتحريم الضرر شرعا فلا يبقى حينئذ إشكال ولا إيراد.
(أما في القسم الأول) فواضح فإنها أضرار من الله تعالى على العباد أوردها عليهم عن حكم ومصالح غالبة عليها والّذي يحرم بالقاعدة هو إضرارنا على أنفسنا أو على غيرنا فخروج هذا القسم الأول عن تحت القاعدة يكون بالتخصص لا بالتخصيص.
(وأما في القسم الثاني) فكذلك لوقوع التزاحم بين تلك الواجبات والمحرمات وبين تلك المراتب النازلة من الضرر فيقدم تلك الواجبات والمحرمات على تلك المراتب من الضرر لأهميتها وأقوائية مناطها.
(وأما استقرار سيرة الفريقين) على الاستدلال بالقاعدة في مقابل العمومات المثبتة للأحكام ففي كفايته في جبر الوهن المذكور نظر كما أفاد أعلى الله مقامه نظرا إلى لزوم تخصيص الأكثر وانه قرينة على إرادة معنى لا يلزم منه ذلك وهو التحريم لا نفي الأحكام الضررية.