النحوين الأولين أنه يجب اختيار الضرر الأقل ومراعاة الضرر الأهم الأقوى وعند التساوي يتخير أي عقلا وفي النحو الأخير انه لا يجب على الإنسان أن يتحمل الضرر لئلا يتضرر الغير ولو كان ضرر الغير أهم وأقوى (وقد علّله) بأن نفي الضرر ليس إلّا للمنة على الأمة ولا منة على تحمل الضرر لدفع الضرر عن الآخر وإن كان أكثر (ولكن رجع عن ذلك أخيرا) بقوله اللهم إلا أن يقال إن نفي الضرر وإن كان للمنة إلا أنه بلحاظ نوع الأمة واختيار الأقل بلحاظ النوع منة فتأمل (انتهى) (وفيه) ان اختيار أقل الضررين منة على شخص وخلاف المنة على شخص آخر فلا يكون منة على الأمة جميعا (ولعله) إليه أشار أخيرا بقوله فتأمل (والحق) في وجه الرجوع أن يقال أن مجموع الأمة في نظر الشارع بمنزلة شخص واحد أو إن المالك والجار في المثال المذكور بمنزلة شخصين والشارع بمنزلة الثالث الّذي أراد القضاء بينهما فكما أن في دوران الأمر بين ضرري شخص واحد أو ضرري شخصين وأراد الثالث القضاء بينهما يختار الضرر الأقل ويراعي الضرر الأكثر فكذلك في المقام عينا.
(أقول)
إن تعبير المصنف في المقام بالتعارض مما لا يخلو عن مناقشة والظاهر أن مراده من تعارض الضرر مع ضرر آخر هو التزاحم بشهادة ترجيح الضرر الأكثر بمعنى أولويته للمراعاة واختيار الضرر الأقل والحكم بالتخيير عند التساوي سيما مع تصريحه في توارد دليلي العارضين بكونهما من باب تزاحم المقتضيين ولو عند ثبوت المقتضي فيهما.
(نعم) إن الشيخ أعلى الله مقامه قد عبّر عن دوران الأمر بين ضرر وضرر آخر بالتعارض ومقصوده من التعارض هو معناه الحقيقي بشهادة الرجوع إلى الأصول والقواعد الأخر ولو في الجملة (قال ما لفظه) ثم إنه قد يتعارض الضرران بالنسبة إلى شخص واحد أو شخصين فمع فقد المرجح يرجع إلى الأصول