من أصله ويقطع النزاع رأساً أن كلا من قاعدة قبح العقاب بلا بيان وقاعدة دفع الضرر المحتمل قاعدة عقلية والعقل لا يكاد يستقل بشيء ما لم يعرف موضوع حكمه وموضوع حكمه بقبح العقاب كما أشير قبلا هو انتفاء بيانين من الشرع خاصة دون غيره فإذا انتفى كلاهما استقل العقل بقبح العقاب بلا كلام وهو بيان الواقع المجهول وبيان الاحتياط عند الشك في الواقع المجهول فإذا وجد أحد البيانين منه سقط العقل عن حكمه بقبح العقاب والمفروض في المقام حيث هو انتفاء البيانين منه جميعاً استقل العقل قهراً بقبح العقاب ومع استقلاله به ينتفي احتمال الضرر جداً ولا يبقى معه مجال لقاعدة دفع الضرر المحتمل أصلا فتأمل جيداً.
(قوله كما انه مع احتماله لا حاجة إلى القاعدة بل في صورة المصادفة استحق العقوبة على المخالفة ولو قيل بعدم وجوب دفع الضرر المحتمل ... إلخ)
أي كما ان مع احتمال الضرر كما في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي أو في الشبهات قبل الفحص لا حاجة إلى القول بوجوب دفع الضرر المحتمل بل يستحق العقاب على مخالفة الواقع في صورة المصادفة ولو لم نقل بوجوب دفع الضرر المحتمل فإن الموجب لاستحقاق العقاب فيهما موجود بلا حاجة إلى قاعدة الدفع أصلا.
(اما في الأول) فهو العلم الإجمالي.
(واما في الثاني) فهو فقد المؤمن من العقاب وهو قاعدة قبح العقاب بلا بيان إذ مع احتمال وجود بيان يمكن الوصول إليه بالفحص عنه لا يكاد يستقل العقل بقبح العقاب فلا مؤمّن.
(قوله واما ضرر غير العقوبة فهو وان كان محتملا إلّا ان المتيقن منه فضلا عن محتمله ليس بواجب الدفع شرعاً ولا عقلا ... إلخ)
هذا في قبال ما تقدم من كون المراد من الضرر في قاعدة دفع الضرر المحتمل هو الضرر الأخروي أي العقوبة (واما على تقدير) كون المراد منه هو الضرر الدنيوي (فحاصل ما أجاب) به الشيخ أعلى الله مقامه ان الشبهة من هذه الجهة موضوعية