الأخباريين حيث ذهبوا فيها إلى الاحتياط على خلاف ما ذهب إليه الأصوليون من إجراء البراءة فيها (هذا كله) من غير حاجة إلى التعرض لمنشإ الشك في الشبهة الحكمية من فقدان النص أو إجماله أو تعارضه سيما الأخير منها فان المتعارضين على ما ستعرف مما لا نقول فيهما بمقتضى القاعدة الأولية من التساقط كي يجوز الرجوع في موردهما إلى الأصل العملي بل لا بد فيهما من العمل بأحدهما لا محالة إما تخييرا أو تعيينا بدليل الإجماع والاخبار العلاجية كما ستأتي (ولو بني) على التعرض لمنشإ الشك في الشبهة الحكمية فالتعرض لأقسام إجمال النص من إجمال الحكم أو المتعلق أو الموضوع كان أولى من التعرض لتعارض النص وكانت الشبهات حينئذ تبلغ اثني عشر قسما مع فقد النص وتعارض النصين والشبهة الموضوعية في كل من التحريمية والوجوبية.
(وبالجملة إن) الحق في تعريف الشبهات البدوية الجارية فيها البراءة ان يقال هكذا إن التكليف المشكوك (إن كان حرمة) فالشبهة تحريمية (وان كان وجوبا) فالشبهة وجوبية ثم إن منشأ الشك (إن كان) فقدان النص أو إجمال النص (إما من حيث الحكم) كما إذا ورد نهي مردد بين الحرمة والكراهة (أو من حيث موضوع الحكم) كما إذا ورد نهي عن الغناء ولم يعلم مفهومه وتردد بين الصوت مع الترجيع والطرب أو مطلق الصوت مع الترجيح ولو بلا طرب (أو من حيث موضوع الحكم) كما إذا ورد نهي عن إكرام الفاسق ولم يعرف مفهوم الفاسق وانه هل هو مرتكب الكبيرة فقط أو هو والمصر على الصغيرة (فالشبهة حكمية) (وان كان) منشأ الشك هو اشتباه حال الموضوع كما إذا شك في حرمة مائع خارجي للشك في كونه خمرا أو في حرمة كلي النبيذ للشك في كونه مسكرا مع العلم بحرمة المسكر وبمفهومه جميعا (فالشبهة موضوعية) (ومن هنا يعرف) انه ليس ملاك الشبهة الموضوعية هو كون الحكم المشكوك فيه جزئيا خاصا بل قد يكون كليا عاما ومع ذلك تكون الشبهة موضوعية كما انه قد يكون