فلو أنّهم إذا سئلوا ، عن شيء من دين الله فلم يكن عندهم فيه أثر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ردّوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي العلم منهم (١) لعلمه الذين يستنبطون العلم (٢) من آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والذي يمنعهم من طلب العلم منّا العداوة لنا والحسد ، ولا والله ما حسد موسى العالم عليهماالسلام ، وموسى عليهالسلام نبيّ يوحى إليه ، حيث لقيه واستنطقه وعرّفه بالعلم ، بل أقرّ له بعلمه ، ولم يحسده كما حسدتنا هذه الامّة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علمنا وما ورثنا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم وسأله الصحبة فيتعلّم (٣) منه العلم ويرشده ، فلمّا أن سأل العالم ذلك ، علم العالم أنّ موسى عليهالسلام لا يستطيع صحبته ، ولا يحتمل علمه ، ولا يصبر معه ، فعند ذلك قال له العالم : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً)(٤) [فقال له موسى عليهالسلام : ولم لا أصبر] فقال له العالم : (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)(٥) فقال له موسى عليهالسلام وهو خاضع له بتعظيمه (٦) على نفسه كي يقبله : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً)(٧) وقد كان العالم يعلم أنّ موسى لا يصبر على علمه.
وكذلك والله ـ يا إسحاق ـ حال قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم اليوم ، لا يحتملون والله علمنا ، ولا يقبلونه ، ولا يطيقونه ، ولا يأخذون به ، ولا يصبرون عليه كما لم يصبر موسى عليهالسلام على علم العالم حين صحبه ورأى ما رأى من علمه ، وكان
__________________
(١) في المصدر : اولي الأمر.
(٢) في المصدر : يستنبطونه منهم.
(٣) في المصدر : ليتعلّم.
(٤) الكهف ١٨ : ٦٧.
(٥) الكهف ١٨ : ٦٨.
(٦) في المصدر : يستعطفه.
(٧) الكهف ١٨ : ٦٩.