عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبة طويلة قال عليهالسلام. فيها يذكر بعض مناقبه إلى أن قال : فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى حجّة الوداع ، ثمّ صار إلى غدير خمّ ، فأمر فأصلح له شبيه المنبر ، ثمّ علاه ، فأخذ بعضدي حتّى رؤي بياض إبطيه ، رافعا صوته ، قائلا في محفله : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ؛ فكانت على ولايتي ولاية الله ، وعلى عداوتي عداوة الله ، فأنزل الله عزوجل في ذلك اليوم : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً)(١) فكانت ولايتي كمال الدين ، ورضى الربّ جلّ ذكره.
فأنزل الله تبارك وتعالى اختصاصا لي ، وإكراما (٢) نحلنيه ، وإعظاما وتفضيلا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منحنيه ، وهو قوله تعالى : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ)(٣).
وفيّ مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع ، وطال لها الاستماع ، ولئن تقمّصها دوني الأشقيان ، ونازعاني فيما ليس لهما بحقّ ، وركباها ضلالة ، واعتقداها جهالة ، ولبئس ما عليه وردا ، ولبئس ما لأنفسهما مهّدا ، يتلاعنان في دورهما ، ويتبرّأ كلّ واحد منهما من صاحبه ، يقول لقرينه إذا التقيا : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ)(٤) ، فيجيبه الأشقى على رثوثته (٥) : (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً) ، فأنا الذكر
__________________
(١) المائدة ٥ : ٣.
(٢) في المصدر : وتكرّما.
(٣) الأنعام ٦ : ٦٢.
(٤) الزخرف ٤٣ : ٣٨.
(٥) الرّثوثة : البلى. «لسان العرب ـ رثث ـ ٢ : ١٥١».