أبو جعفر عليهالسلام : «ألست فقيه أهل البصرة؟» قال : قد يقال ذلك. فقال له أبو جعفر عليهالسلام : «هل بالبصرة أحد تأخذ عنه؟» قال : لا. قال : «فجميع أهل البصرة يأخذون عنك؟» قال : نعم.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : «سبحان الله! لقد تقلّدت عظيما من الأمر ، بلغني عنك أمر فما أدري أكذلك أنت ، أم يكذب عليك؟». قال : ما هو؟ قال : «زعموا أنّك تقول : إنّ الله خلق العباد وفوّض إليهم امورهم». قال : فسكت الحسن ، فقال : «أرأيت من قال الله له في كتابه : إنّك آمن ، هل عليه خوف بعد هذا القول؟» فقال الحسن : لا.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : «إنّي أعرض عليك آية ، وأنهي إليك خطابا ، ولا أحسبك إلّا وقد فسّرته على غير وجهه ، فإن كنت فعلت ذلك فقد هلكت وأهلكت» فقال له : ما هو؟ فقال : «أرأيت حيث يقول : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) يا حسن ، بلغني أنّك أفتيت الناس ، فقلت : هي مكة؟».
فقال أبو جعفر عليهالسلام : «فهل يقطع على من حجّ مكّة ، وهل يخاف أهل مكّة ، وهل تذهب أموالهم؟». قال : بلى. قال : «فمتى يكونون آمنين؟ بل فينا ضرب الله الأمثال في القرآن ، فنحن القرى التي بارك الله فيها ، وذلك قول الله عزوجل. فمن أقرّ بفضلنا حيث أمرهم الله أن يأتونا ، فقال : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها) أي جعلنا بينهم وبين شيعتهم القرى التي باركنا فيها (قُرىً ظاهِرَةً) ، والقرى الظاهرة : الرسل ، والنقلة عنّا إلى شيعتنا ، وفقهاء شيعتنا إلى شيعتنا.
وقوله تعالى : (وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ) ، فالسّير مثل للعلم (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً) ، مثل لما يسير من العلم في الليالي والأيّام عنّا إليهم في الحلال ، والحرام ، والفرائض ، والأحكام (آمِنِينَ) فيها إذا أخذوا من معدنها الذي أمروا أن يأخذوا منه ، آمنين من الشكّ والضّلال ، والنقلة من الحرام إلى الحلال لأنّهم أخذوا العلم