وأوّل من ابتدأت من خلقي.
ثمّ من بعدك الصديق عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وصيّك به أيدتك ونصرتك ، وجعلته العروة الوثقى ، ونور أوليائي ، ومنار الهدى ، ثمّ هؤلاء الهداة المهتدون ، من أجلكم ابتدأت خلق ما خلقت ، فأنتم خيار خلقي وأحبّائي وكلماتي الحسنى ، وأسبابي ، وآياتي الكبرى ، وحجّتي فيما بيني وبين خلقي ، خلقتكم من نور عظمتي ، واحتجبت بكم عن سواكم من خلقي ، وأستقبل بكم (١) وأسأل بكم ، فكل شيء هالك إلّا وجهي ، وأنتم وجهي ، لا تبيدون ، ولا تهلكون ، ولا يهلك ، ولا يبيد من تولّاهم ، ومن استقبلني بغيركم فقد ضلّ وهوى ، وأنتم خيار خلقي ، وحملة سرّي ، وخزّان علمي ، وسادة أهل السماوات وأهل الأرض.
ثمّ إنّ الله تعالى هبط (٢) إلى الأرض في ظلل من الغمام والملائكة وأهبط أنوارنا أهل البيت معه ، فأوقفنا صفوفا بين يديه ، نسبّحه في أرضه ، كما سبّحناه في سمائه ، ونقدّسه في أرضه ، كما قدّسناه في سمائه ، ونعبده في أرضه ، كما عبدناه في سمائه.
فلمّا أراد الله إخراج ذريّة آدم عليهالسلام لأخذ الميثاق ، سلك النور فيه ، ثمّ أخرج ذريّته من صلبه يلبون ، فسبّحنا فسبّحوا بتسبيحنا ، ولو لا ذلك لما دروا كيف يسبّحون الله عزوجل ، ثمّ تراءى (٣) لهم لأخذ الميثاق منهم بالربوبيّة ، فكنّا أوّل
__________________
(١) في النسخة : وجعلتكم استقيل بكم.
(٢) لعلّ نسبة الهبوط إليه تعالى للتشريف وعظمة ما أهبطه ، وكناية عن أمره وتوجّهه إلى الأرض لجعل الخليفة فيها ، ولعلّ الصحيح كما في نسخة اخرى : (اهبط إلى الأرض ظللا من الغمام).
(٣) تراءى له : تصدّي له ليراه ، قيل : المراد أنّ الله عزوجل عرّف نفسه لهم فعرفوه.