قم ـ يا عمر ـ فبايع له بإمرة المؤمنين ، فقام فبايع. ثمّ قال بعد ذلك لتمام التسعة ، ثمّ لرؤساء المهاجرين والأنصار ، فبايعوا كلّهم.
فقام من بين جماعتهم عمر بن الخطّاب ، فقال : بخ ، بخ (١) لك ـ يابن أبي طالب ـ أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة ، ثمّ تفرّقوا عن ذلك وقال : وكّدت عليهم العهود والمواثيق.
ثمّ إنّ قوما من متمرّديهم وجبابرتهم تواطئوا (٢) بينهم ، إن كانت لمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم كائنة (٣) ، لندفعنّ هذا الأمر عن عليّ عليهالسلام ولا يتركونه له ، فعرف الله تعالى من ذلك قلوبهم ، وكانوا يأتون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويقولون له : لقد أقمت عليّا ، أحبّ خلق الله إلى الله وإليك وإلينا ، كفيتنا به مئونة الظلمة لنا والجائرين في سياستنا ؛ وعلم الله من قلوبهم خلاف ذلك ، ومن مواطاة بعضهم لبعض ، أنّهم على العداوة مقيمون ، ولدفع الأمر عن مستحقّه مؤثرون.
فأخبر الله عزوجل محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم عنهم ، فقال : يا محمّد ، (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) الذي أمرك بنصب عليّ عليهالسلام إماما ، وسائسا (٤) لأمّتك ، ومدبّرا (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) بذلك ، ولكنّهم مواطئون (٥) على هلاكك وهلاكه (٦) ،
__________________
(١) بخ : كلمة تقال عند المدح والرّضا بالشّيء ، وتكرّر للمبالغة ، وإن وصلت خفضت ونوّنت فقلت : بخ ، بخ ، وربّما شدّدت كالاسم. «الصحاح ـ بخخ ـ ١ : ٤١٨».
(٢) تواطؤوا : أي توافقوا. «الصحاح ـ وطأ ـ ١ : ٨٢».
(٣) الكائنة : الحادثة ، وكوّنه : أحدثه. «القاموس المحيط ـ كون ـ ٤ : ٤ : ٢٦٦».
(٤) سست الرعية سياسة ، وسوّس الرجل امور النّاس ، إذا ملك أمرهم. «الصحاح ـ سوس ـ ٣ : ٩٣٨».
(٥) في المصدر : يتواطؤون.
(٦) في المصدر : إهلاك وإهلاكه.