عن الكفر ، ثمّ من اجتنب الكبائر صار من جملة الخواصّ الأخصّ ، ثمّ المعصوم هو الخاصّ الأخصّ ، ولو كان للتخصيص صورة أربى عليه (١) ، لجعل ذلك من أوصاف الإمام.
وقد سمّى الله عزوجل عيسى من ذرّيّة إبراهيم ، وكان ابن بنته من بعده ، ولمّا صحّ أن ابن البنت ذرّيّة ، ودعا إبراهيم لذرّيّته بالإمامة ، وجب على محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم الاقتداء به في وضع الإمامة في المعصومين من ذرّيّته حذو النعل بالنعل بعد ما أوحى الله عزوجل إليه ، وحكم عليه بقوله : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)(٢) الآية ، ولو خالف ذلك لكان داخلا في قوله عزوجل : (وَمَنْ يَرْغَبُ ، عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) جلّ نبيّ الله عن ذلك.
قال الله عزوجل (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا)(٣) وأمير المؤمنين عليهالسلام أبو ذرّيّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ووضع الإمامة فيه وضعها في ذرّيّته المعصومين بعده.
وقوله عزوجل : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) عنى بذلك أن الإمامة لا تصلح لمن قد عبد وثنا أو صنما ، أو أشرك بالله طرفة عين ، وإن أسلم بعد ذلك ، والظلم وضع الشيء في غير موضعه ، وأعظم الظلم الشرك ، قال الله عزوجل : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(٤) وكذلك لا يصلح للإمامة من (٥) قد ارتكب من المحارم شيئا صغيرا كان أو كبيرا ، وإن تاب منه بعد ذلك ، وكذلك لا يقيم الحدّ من في جنبه حدّ ،
__________________
(١) أي أعلى وأرفع مرتبة.
(٢) النحل ١٦ : ١٢٣.
(٣) آل عمران ٣ : ٦٨.
(٤) لقمان ٣١ : ١٣.
(٥) في المصدر : لا تصلح الإمامة لمن.