مع سابق علمه بالفريقين من أهلها ، وليجعل ذلك مثالا لأوليائه وأمنائه ، وعرّف الخليقة فضل منزلة أوليائه ، وفرض عليهم من طاعتهم مثل الذي فرض منه لنفسه ، وألزمهم الحجّة بأن خاطبهم خطابا يدلّ على انفراده وتوحّده ، وبأنّ له أولياء تجري أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله ، فهم العباد المكرمون ، الّذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، هو الذين أيدهم بروح منه ، وعرّف الخلق اقتدارهم على علم الغيب بقوله : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً* إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ)(١) ، وهم النّعيم الذي يسأل العباد عنه ، لأنّ الله تبارك وتعالى أنعم بهم على من أتّبعهم من أوليائهم».
قال السائل : من هؤلاء الحجج؟ قال : «هم رسول الله ، ومن أحلّ محلّه من أصفياء الله الذين قرنهم الله بنفسه وبرسوله ، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه ، وهم ولاة الأمر الذين قال الله فيهم : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(٢) ، وقال فيهم : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)(٣)».
قال السائل : ما ذاك الأمر؟ قال عليّ عليهالسلام : «الذي به تنزل الملائكة في الليلة التي يفرق فيها كلّ أمر حكيم ، من خلق ورزق ، وأجل وعمر ، وحياة وموت ، وعلم غيب السماوات والأرض ، والمعجزات التي لا تنبغي إلّا لله وأصفيائه ، والسفرة بينه وبين خلقه ، وهم وجه الله الذي قال : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ)(٤) ، وهم بقية الله ، يعني المهديّ عليهالسلام الذي يأتي عند انقضاء هذه النظرة ، فيملأ الأرض
__________________
(١) الجنّ ٧٢ : ٢٦ ، ٢٧.
(٢) النساء ٤ : ٥٩.
(٣) النساء ٤ : ٨٣.
(٤) البقرة ٢ : ١١٥.