الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً)(١). (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ ...)(٢). (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ)(٣). (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(٤). إلى غيرها من آيات تنمّ عن مشروعيّة قتال الكفّار ، ولا سيّما المشركين ، حتّى يستسلموا أو ينفوا من الأرض؟!
الأمر الّذي استمسك به بعضهم على نسبة الإسلام إلى العنف وإكراه الناس على قبول الإسلام ، وإلّا كان السيف محتكما فيهم. كان يعرض على الناس والقوّة عن يمينه ؛ فمن قبله نجا ، ومن رفضه حكم فيه السيف حكمه (٥).
فهل لا يتنافى ذلك والمبدأ القائل : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ)؟!
لكنّا ذكرنا في غير موضع ، أنّ الجهاد في الإسلام دفاع عن كرامة الإنسان ، وكسر لشوكة الطاغوت الحائلة دون بثّ العدل على بسيطة الأرض.
الجهاد في الإسلام محاولة لإعادة كرامة الإنسان المغصوبة من قبل الطغاة العتاة ، وليتحرّر الإنسان من براثن أهل الشقاق والنفاق ، فيستعيد حرّيّته في الاختيار والاهتداء إلى سبيل الرشاد.
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ ...)(٦).
على أنّ آيات القتال مغيّاة بغاية رفع الفتنة وقطع جذور الفساد في الأرض ، (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ)(٧).
هذه الآية تكرّرت في سورتي البقرة والأنفال ، تأكيدا على أنّ القتال إنّما هو لرفع الفساد من
__________________
(١) التوبة ٩ : ٣٦.
(٢) التوبة ٩ : ٢٩.
(٣) التوبة ٩ : ١٤.
(٤) التوبة ٩ : ٧٣.
(٥) المنار ٣ : ٣٦.
(٦) الأعراف ٧ : ١٥٧.
(٧) الأنفال ٨ : ٣٩ ، البقرة ٢ : ١٩٣. وفيها : (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ).