يحملون طعاما وزيتا ، فلمّا باعوا وأرادوا الرجوع ، عمد أبوهما إلى ولديه يحاول دخولهما في الإسلام ، ولكنّهما أبيا أن يسلما ، فجاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يستفتيه في إكراههما على الإسلام وقال : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أيدخل بعضي النار؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : دعهما ، وتلا : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ ...)(١).
[٢ / ٧٤٩١] وروي عنه أيضا قال : كانت المرأة من الأنصار تكون مقلاة ـ والمقلاة من النساء : الّتي لا يعيش لها ولد ـ لا يكاد يعيش لها ولد ، فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوّده ، فلمّا أجليت بنو النضير ، وكان فيهم عدد من أبناء الأنصار ، قالت الأنصار : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبناؤنا وإخواننا فيهم؟! فسكت عنهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنزلت : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) فكانت الفصل بينهم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «قد خيّر أصحابكم ، فإن اختاروكم فهم منهم ، وإن اختاروهم فهم منهم» فلحق بهم من بقي على اليهوديّة وأجلوا معهم ، وبقي من أسلم. وفي رواية : قال : «من شاء أن يقيم أقام ، ومن شاء أن يذهب ذهب» (٢).
[٢ / ٧٤٩٢] وكذا روي عن مجاهد قال : كانت بنو النضير وبنو قريظة أرضعت ناسا من أبناء الأنصار ، فكانوا على دينهم ، فلمّا جاء الإسلام أراد أهلوهم أن يكرهوهم على الإسلام ، فمنعتهم الآية ، فخلّوا سبيلهم (٣).
***
قال الشيخ محمّد عبده : هذا هو حكم الدين الّذي يزعم الكثير من أعدائه ـ وفيهم من يظنّ أنّه من أوليائه ـ أنّه قام بالسيف والقوّة ، فكان يعرض على الناس ، والقوّة عن يمينه ، فمن قبله نجا ومن رفضه حكم فيه السيف حكمه.
__________________
(١) الطبري ٣ : ٢٢ ـ ٢٣ / ٤٥٣٩ و ٤٥٤١ ؛ الثعلبي ٢ : ٢٣٤ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٤١٣ ؛ البغوي ١ : ٣٤٩ ـ ٣٥٠ / ٢٩٩.
(٢) الطبري ٣ : ٢١ / ٤٥٣٦ و ٢٢ / ٤٥٣٨ و ٢٣ / ٤٥٤٠ ـ ٤٥٤٤ ، الثعلبي ٢ : ٢٣٤ ؛ البغوي ١ : ٣٤٩ / ٢٩٧ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٤١٤ ؛ سنن سعيد ٣ : ٩٥٦ ـ ٩٥٨ / ٤٢٧ ؛ البيهقي ٩ : ١٨٦ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤٩٣ / ٢٦٠٩ ؛ مجمع البيان ٢ : ١٦٢ ـ ١٦٣ ؛ أبو داوود ١ : ٦٠٦ / ٢٦٨٢ ، باب ١٢٦ ؛ النسائي ٦ : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ / ١١٠٤٩.
(٣) الطبري ٢ : ٢٣ / ٤٢٤٥. و ٢٣ / ٤٥٤٣ ، و ٢٤ / ٤٥٤٦ ؛ الثعلبي ٢ : ٢٣٥ ؛ البغوي ١ : ٣٤٩ ؛ أسباب النزول للواحدي : ٥٣ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٤١٣ ؛ سنن سعيد ٣ : ٩٦٠ / ٤٢٩ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤٩٣ / ٢٦١١.