١٤٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (١٤٩))
[آل عمران : ١٤٩]
إطاعة الكفار الانتقال من حكم أسماء جمالية إلى حكم أسماء الجلال ، والجمال من النور ، والجلال من النار ، والنور والنار له سبحانه حكما بحكم الجبروت ، والتفصيل هو إبراز الأسماء نفسها ، أي تعليم آدم ونبيه حكمها ، وعند انتقال ممثل الاسم الجميل إلى الاسم القاهر فإنه يكون قد وقف مع النار دون النور ، والنار حجاب ، فينقلب القلب خاسرا ، إذ لا يتاح لصاحبه تعرف الله ، ويصبح من ثم محجوبا.
١٥٠ ـ (بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (١٥٠))
[آل عمران : ١٥٠]
الله هو المولى ، إذ له الحكم والأمر ، ولا إله إلا هو ، ولا حقيقة إلا عينه ، ولا وجود إلا وجوده القديم.
١٥١ ـ (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (١٥١))
[آل عمران : ١٥١]
قال صلىاللهعليهوسلم : (القلب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء) ، فالقلب مستودع الرحمن ، وهو ملكه والمتصرف فيه وحده لا شريك له في الملك ، وإذا أراد الله بالقلب أمرا فعله وأنفذه ، ومن فعله قذف الرعب في قلوب الكافرين ، وجاء في الآية أن إلقاء الرعب كان بسبب الشرك بالله ، وفي القول لطيفة وهي كون الشرك نفسه في قبضة التوحيد ، إذ لا يخرج عليه سبحانه شيء ولا أمر حتى ولا الشرك ، فالشرك شركة ، والمشرك من جعل لله شريكا في الملك ، والشرك هنا الأنية ومن ورائها الخاطر ، فشرك المشرك توحيد حتى وإن جهل المشرك حقيقة ذلك ، وكان المشرك من ثم في النار ، إذ النار كما قلنا حجاب.
١٥٢ ـ (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢))
[آل عمران : ١٥٢]
الحديث هنا عن الإرادة الإلهية والإرادة البشرية ، فالأولى قديمة فاعلة ولا شريك لها ، والثانية محدثة وهبت الوجود والفعل بإذن مسبق ، لكنه محدود في إطار الكليات أولا وفي إطار الجمع ثانيا وعلى هذا فللإرادة البشرية أن تدور في دائرة الأسماء ، فهي في هذا الفلك حرة ، ولكنها في الوقت نفسه مسيرة ، ولهذا قال سبحانه في موضع آخر : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ