الصوفية مصطلح هو : البدائية ، وتعريفه أن الله يريد شيئا ثم يبدو له ، وقد يبدو له ما لا يريده ، فيبدل من ثم ويغير في مواقع الأسماء النازلة إلى ميدان الصراع ، لكي يستأنف العمل عمله.
فالتغير في المعلومات لا يعني إذن انتقاصا من قدرة الله ولا تغيرا في علمه القديم ، فالحق هنا بمثابة القائد الذي يأمر ببدء المعركة ، ثم يراقب سير الأحداث ، متابعا إصدار التوجيهات والأوامر ، وكتاب الله حافل بهذه الأخبار ذات العلاقة بالعلم القديم والمعلومات ، وسنتحدث عنها عند ورودها.
وفي مجال النفاق فالمنافق القلب المذبذب بين اسمين ، لم تثبت له قدم بعد في أرض واحد منها ، أي أن في قلب المنافق ميلا إلى الإيمان ممكن التحقق ، والله حين أمر المسلمين بالقتال في سبيله جعل يلاحظ قلوب المنافقين ، وما فيها من أسماء مصطرعة. تتصارع أصلا بأمره وحكمه.
١٦٨ ، ١٦٩ ـ (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٦٨) وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩))
[آل عمران : ١٦٨ ، ١٦٩]
ممثل اسم الله يلحق بصفة اسمه عند الموت فهو لاسمه ملازم ، والمقتول في سبيل الله قد مات في سبيل إعلاء الاسم ودفاعآ عنه ، ولما كان الاسم صورة أو عينا ، فملك الموت يأتي بصورة الصور ولهذا قيل إن الإنسان في النزع يكشف له النقاب عن حقيقة اسمه ، لأن ملك الموت يبرز له حسب صورته ، ولما كان الاسم من الكليات ، والكليات أعيان ثابتة حية لأنها متصفة بالصفات الإلهية السبع ، فيكون المتوفى في سبيل الله حيا بالله.
وقوله : (عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) يعني أن الرزق الإلهي دائم عن طريق الكليات التي هي بدورها إشعاع دائم عن الحق ، وثمة قتل آخر في سبيل الله هو قتل النفس المعنوي الطوعي ، أي التنازل عن النفس بعد حدوث الكشف وردها إلى الله ، والمكاشف إذ يضحي بنفسه ، كما ضحى إبراهيم بولده ، يوهب حياة جديدة روحها روح القدس ، فهؤلاء المكاشفون أحياء عند ربهم يرزقون ، لأنهم انتقلوا من الحياة بأنفسهم إلى الحياة بربهم ، يرزقون من ثمرات الكليات عن طريق الكشف قياما وقعودا وعلى جنوبهم.
١٧٠ ، ١٧١ ـ (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١))
[آل عمران : ١٧٠ ، ١٧١]