الاستبشار يذكر بقوله تعالى في موضع آخر : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ) [يونس : ٦٤] ، وسئل النبي صلىاللهعليهوسلم عن معنى البشرى في الحياة الدنيا فقال : (هي الرؤيا الصالحة ، وقال إنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة) ، والآية تتبع قوله تعالى في وصف أوليائه أيضا : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [يونس : ٦٢] ، فالأولياء انتقلوا إلى الحياة الآخرة وهم ما زالوا في الدنيا ، ومثلهم مثل من انتقلت روحه إلى الآخرة بعد القتل فيحيى هناك الحياة الخالدة.
١٧٢ ـ (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢))
[آل عمران : ١٧٢]
الاستجابة لله والرسول الثبات في القتال والجهاد في سبيل نصرة الكليات ، ولهذا جاء في وصف هؤلاء : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا) أي أن هؤلاء دخلوا في مقام الإحسان الذي هو فوق الإيمان وأجره العلم اللدني.
١٧٣ ـ (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣))
[آل عمران : ١٧٣]
الآية تصف حال ممثلي أسماء الجمال في صراعها أسماء الجلال ، فالناس خلقوا من ضعف ، والضعف سببه حبس الإنسان في قفص اسمه فلا منفذ له إلى الغيب فيطلعه ، وإصرار المجاهدين على الجهاد الإصرار على إتمام الهجرة إلى الله وذلك بإعطاء الأسماء حقها من الجهاد.
١٧٤ ـ (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤))
[آل عمران : ١٧٤]
نتيجة الجهاد نعمة إلهية ورحمة وهي حدوث الكشف الأكبر المؤدي إلى المعرفة.
١٧٥ ـ (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥))
[آل عمران : ١٧٥]
الخاطر الشيطاني يخوف أولياءه ، والتأثير صادر عن وسوسة في الصدر لا انفكاك منها ، ولما كان هذا الخاطر في قلب كل إنسان ، فهو يحاول تخويف المجاهدين الذين خاطبهم الحق قائلا : (فَلا تَخافُوهُمْ) أي لا تخافوا أصحاب الخاطر الشيطاني ، واتبع هذا بقوله : (وَخافُونِ) لأن ثمة خاطرا آخر بالمرصاد يثبت قلب المؤمن ، ويعده النصر والرحمة والفتح.
١٧٦ ، ١٧٧ ـ (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٧٦) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ