٣ ـ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاَّ تَعُولُوا (٣))
[النساء : ٣]
ربطت الآية بين اليتامى والنساء ، وفي الربط لطيفة ، ذاك أن الحواس من القوابل سواء على صعيد المحسوسات ، أو على صعيد المعقولات ، أو قل على صعيد الروح والجسد ، والنساء قوابل ، فهن إشارة إلى عالم الحس الذي هو قابل لفعل الروح ، ولهذا حبب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم النساء ، ثم أضيف في الحديث حب الطيب والصلاة ، والصلاة صلة الروح بالقوابل للفعل ، والطيب ما ينجم عن هذه العلاقة الروحية المادية التي نسميها المادروحية من خيرات.
وقوله : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) يشمل العقل الأول الذي هو ثان بالنسبة إلى الذات الإلهية الصرفة ، والذي هو قابل من الحق ، فاعل في الخلق ، فهو ثان بالنسبة إلى الأول الصرف ، وهو أول بالنسبة إلى التكثرات.
٤ ـ (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٤))
[النساء : ٤]
مهور النساء إشارة إلى ما يتوجب على القلب دفعه من طاعة لقاء ما تقدمه الحواس ظاهرا وباطنا ، وقول الآية : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ) يعني ما يحصله القلب عن طريق الحواس للمعرفة فهذا هو الأكل الهنيء والمريء.
٥ ـ (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٥))
[النساء : ٥]
السفيه كالنفس بشقيها الشهوة والغضب ، إن هيمنت على القلب استعبدته وأضلته ، وقوله سبحانه : (وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ) يعني أن لقوى الشهوة والغضب حقا على الإنسان ، فالله ما خلق هذه القوى أصلا للفساد وإنما لعمارة القلب ، وذلك عن طريق الاستخدام الحق ، وحدّه الاعتدال واستعمال القوى فيما أمر الله أن تستخدم ، كأن يكون الغضب لله ، وأن تكون الشهوة لصلاح الجسم والمحافظة على النسل دون تعدي الحدود.
٦ ـ (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (٦))
[النساء : ٦]
قلنا : اليتامى الحواس ، وهي في بدء ممارستها الفعل ضعيفة جاهلة كما تكون عند الأطفال ، حتى إذا بلغت النكاح ، والنكاح الزواج ، أي بدء ممارسة الفكر عمله من تجريد