هو جزاء العمل الصالح ، وقوله : (لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) يعني أن لممثل العمل الصالح أزواجا من المعقولات الصرفة ، ووصفت هذه الأزواج بأنها مطهرة لأن المعقولات الصرفة مطهرة من رجس المادة وشوائبها ، فهي إن فعلت فيها إلا أنها متعالية عنها ، وتعاليها طهارة.
أما الظل فهو الدخول في الظل الإلهي الذي هو الوجه الآخر للشمس الإلهية ، وفي الظل الاستراحة من العناء من تعب ابن آدم وكدحه في أرض المحسوسات.
٥٨ ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (٥٨))
[النساء : ٥٨]
الأمانات العلوم الإلهية التي إن ظهرت على العارف أو الولي وجب نقلها إلى الناس ، وإطلاع المريدين السالكين المؤمنين الصالحين الواقفين بباب الله يرجون رحمته عليها.
٥٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (٥٩))
[النساء : ٥٩]
الطاعة لله والرسول وأولي الأمر من المؤمنين ، أما الطاعة لله فهي للذات الصرفة جامعة العلوم في عينها التي هي العماء قبل الفض ، والطاعة للرسول الطاعة للروح الكلي الذي به وعنه تنفض العلوم ، وتنتشر في الكثرة ، وطاعة أولي الأمر من المؤمنين فهي الطاعة لأسماء الجمال التي تمارس عملها بمجاهدة أسماء الجلال.
وختمت الآية بالقول : (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) وفي القول لطيفة ، ذلك لأن لهذه الطاعات تأويلا ، والتأويل علم خص الله به نفسه ، والراسخون في العلم.
٦٠ ، ٦١ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (٦٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (٦١))
[النساء : ٦٠ ، ٦١]
الطاغوت هو الكثير الطغيان ، ولا أكثر طغيانا في هذا العالم من المظاهر ، فكل احتكام إلى مظهر احتكام إلى الطاغوت ، ما لم يرد المظهر إلى أصله وهو ما ظهر به.
٦٢ ـ (فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ إِحْساناً وَتَوْفِيقاً (٦٢))
[النساء : ٦٢]
المصيبة التي سببها ما قدمت الأيدي الاحتجاب بحجاب الاسم الذي هو يمين الله في