الموت هنا موت النفس الجزئية التي هي مظهر النفس الكلية ، والتي لها منذ ظهورها أجل محدد لا يستقدم ساعة ولا يستأخر ساعة ، لأن الوجود كله قائم على أجل عام وأجل خاص ، فالأجل العام هو المسمى الأزل الوجودي ، وهو وقت خروج الشيء ظهورا من الكليات ، والأجل الخاص أجل كل تعين جزئي ، وأجله ضرورة حتمية تخضع للضرورة الوجودية الكبرى ، وترى فيها كل شيء خلق بمقدار ، ومات وفق أجل ، إن استقدم أو استأخر اختل ميزان الكون وفسد.
٧٩ ـ (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (٧٩))
[النساء : ٧٩]
الحسنة فضل من الله يؤتيه من يشاء من عباده ، والسيئة التي هي من النفس الاسم الذي حشرت فيه النفس الجزئية ، فلا خروج لها عليه إلا به ، بل الأمر ليس إلا ظهور الاسم لا غير ، ولهذا ردت السيئة إلى النفس.
٨٠ ـ (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (٨٠))
[النساء : ٨٠]
الحفيظ اسم للحق فهو سبحانه حافظ كل شيء وممسك كل شيء ، والرسول بتعين حقيقته كان داعيا إلى إخراج الناس من الظلمات إلى النور.
وقوله : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) فيه لطيفة وهي كون الرسول مظهر الحق نفسه ، فمن منظور الباطن كان الرسول الروح الأمين والعقل الأول الصادر عن الله ، ومن منظور الظاهر كان تعينه ظهوره لقيادة شطر النور ضد شطر الظلام ، والإرادة كلها إلهية ، وهي أصلا حضرة علمية تقتضي تحقيقا ، فكان الرسول أداة التحقيق على المستويين الظاهر والباطن ، ولهذا وصفت إطاعة الرسول بأنها إطاعة الله نفسه
٨١ ـ (وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٨١))
[النساء : ٨١]
الكتابة ما يكتب القلم الذي هو العقل الأول في اللوح المحفوظ الذي هو النفس ، فحديث النفس من هذا المنطلق هو ملهم بفتح الهاء ، فهو منطلق من الفاعل إلى القابل ، ثم يرتد من القابل إلى الفاعل ، فيكون سبحانه عالما بكل شيء من قبل حدوثه ومن بعد حدوثه.
٨٢ ـ (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢))
[النساء : ٨٢]