وسبعين فرقة ، وانشقت النصارى عن اثنتين وسبعين فرقة ، وستنشق أمتي عن ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا ما أنا عليه وأصحابي).
فالأسماء تقتضي الصراع الوجودي لبروزها ، وهذا معنى الصوامع والبيع والمساجد ، والميثاق الذي تحدثت عنه الآية أصل الأسماء الراجعة إلى الجمع ، فباطن الأمر وحدة ، وظاهره كثرة وفرقة وانشقاق وخلاف ، ولهذا قالت الصوفية إن الله يعبد حتى عن طريق عبادة الوثن باعتبار أن الحافز القلبي مليك عرش القلب لا إله إلا هو ، ولهذا جاء في موضع آخر من القرآن قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) ـ أي المشركين ـ (مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [العنكبوت : ٦١] ، وقوله : (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) يعني أن الخلاف واقع إلى يوم القيامة ، وهي قيامة الحق ، والحق قائم أبدا فالخلاف في القبضة ، علم المختلفون ذلك أم جهلوا.
١٥ ـ (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (١٥))
[المائدة : ١٥]
النور حقيقة النبي ، وهو جبريل الروح الأمين ، والنور شريف ، وفصل ورسم صورا وسمي ملكه إسرافيل ، كما فصل أرزاقا ومنها أرزاق العلوم وسمي ملكه ميكائيل ، ولقد قرن هذا النور بقوله تعالى : (وَكِتابٌ مُبِينٌ) [النّمل : ال] لأن هذا النور قلم يخط في كتاب الوجود آيات الله البينات.
١٦ ـ (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦))
[المائدة : ١٦]
سبل السّلام سبل السلامة ، وهي للموحدين خاصة الذين يعرفون أين يكون التفرق ، وأين يكون الجمع ، وكيف تصدر الكثرة من الوحدة ، وكيف يكون النزاع والتضاد داخل الوحدة ذاتها ، وحاصل هذا العلم وضع النقاط على الحروف ، ووضع الأشياء في أماكنها ، وعدم رجحان كفة أخرى ، وجزاء صاحبه أن تنقلب النار بردا وسلاما وإبراهيم فيها ، فالموحدون في جنة السّلام حتى وإن كانوا في دار الشقاء والدنيا ، ولهذا قال سبحانه في موضع آخر : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) (٧١) [مريم : ٧١] يعني جهنم البعد ، وسئل الإمام الصادق : وأنتم وردتموها؟ فأجاب : جزناها وهي خامدة.
والصراط المستقيم تمييز من الباطل وخاصة فيما يتعلق بالخلاف الواقع بين الفرق حول