العديد من المسائل الفقهية والأصولية ، والله يهدي الموحدين الوارثين العلماء العارفين إلى الصراط الحقيقي الذي هو صراط التوحيد الجامع للظلمة والنور ، فتضيء مشاعل هذا العلم في ظلمات الحياة ، وتهدي الناس سبل الرشاد.
١٧ ـ (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧))
[المائدة : ١٧]
قلنا : إن المسيح ممثل الروح الأعظم ، والروح هو العقل الذي قال فيه سبحانه في الحديث : (لما خلق الله العقل ، قال له : أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر فأدبر ، فقال : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحب إلي منك ، بك آخذ ، وربك أعطي ، وبك أمنع ، وبك أعاقب) ، فالروح أول صدور عن الله ، والله نور كله لا تعين له ، لهذا وصفه النبي لما سئل أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق ، فأجاب : (كان في عماء ، ما فوقه هواء ولا تحته هواء) ، والعماء النفس الأول الذي هو البدء.
وقول النصارى إن المسيح هو الله يعني تجسيد الله وهذا مستحيل ، لأن النور لا يتجسد ، ولهذا كان الخلاف بين المسلمين والمسيحيين ، فالمسلمون قالوا بالظهور استنادا إلى قوله تعالى إنه الظاهر والباطن ، فالنور الإلهي ظاهر بالخلق ، ولهذا خلق الله الخلق ليظهر به ، فإذا كان الوجود كله ظهور الله فهذا توحيد وتنزيه الله كما يقتضي التنزيه ، أما أن يحصر الظهور بالتعيين ، أي بالتجسيد وفي شخص معين فهذا هو الكفر ، أي الحجاب ، أي الستر ، والمعنى أن الله باطن المسيح ، وهو حقيقته وعينه ، ولكنه ليس هو المسيح بمعنى الحصر ، وضد هذا الحصر والتقييد جاء في الآية قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ، وواضح أن المسيح عاجز عن أن يحقق قول الله هذا لأنه بشر ، والبشر سالب منفعل مخلوق لا يملك من أمره شيئا.
١٨ ـ (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨))
[المائدة : ١٨]
الدين عند الله الإسلام أي التسليم للخالق ذاتا وصفة وفعلا ، فمن وحد الله على هذا النحو فهو مسلم يهوديا كان أو نصرانيا أو هندوسيا أو بوذيا ، والدليل على هذا في القرآن ذو القرنين والعبد الصالح وغيرهما كثير ، وعلى هذا فالله لا يمكن حصره في صورة معتقد كأن تقول