٣٥ ، ٣٧ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٣٦) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٧))
[المائدة : ٣٥ ، ٣٧]
قوله سبحانه : (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) يعني إيفاء الاسم حقه من الجهاد ، ولهذا قال عليهالسلام : (خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام) ، فاتباع الخير يؤدي إلى إسلام القلب ، ثم دخول الإيمان فيه ، ثم دخول الإحسان ، فالاسم الوسيلة إلى الله.
٣٨ ، ٤٠ ـ (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨) فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٩) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٠))
[المائدة : ٣٨ ، ٤٠]
السرقة سرقة مال الله من الأسماء ، وقطع الأيدي قطع العلائق بين الإنسان والله ، وبقاؤه بالتالي في حيرته وضلاله ، ولهذا ربطت الحكماء بين الأخلاق والدين ، وقال الفيلسوف كانط : شيئان يملآنني إعجابا السماء المرصعة بالنجوم فوق رأسي ، والقانون الأخلاقي في داخلي ، فالأخلاق من دون ركيزة الإيمان لا تحقق أهدافها ، إذ أن مفتاح الأخلاق الإيمان ، ولهذا قيل : رأس الحكمة مخافة الله ، وقال كانط : الأحكام الخلقية قائمة أساسا على الإيمان بقانون خلقي ضروري يعبر عنه بصورتي الأمر الآتيتين إفعل كما لو كان مبدأ فعلك سيصبح عن طريق إرادتك قانونا عاما من قوانين الطبيعة ، وافعل كأنما تنظر إلى الإنسانية متمثلة في شخصك أو شخص سواك باعتبارها غاية في ذاتها ، وليست أبدا وسيلة لشيء عداها.
٤١ ـ (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٤١))
[المائدة : ٤١]
الفتنة كون القلب في مجال التقليب ، والتقليب لله عزوجل ، هو خالق الناس فرقا ، فريقا هداه للإسلام فأسلم ثم جاهد ثم آمن ثم دخل في الإحسان ، وفريقا حقت عليه الضلالة ليقوم بدور التضاد في تفتيق المعقولات ، وفربقا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، وهؤلاء هم الذين يفتنون.