هو موجود بالفعل ، وهو نتاج وجود عقلي صرف ، فهم إلى اليوم في أصل الوجود الذري مختلفون.
والأجل أجل العالم الذري الذي ثبت أنه ابتدأ من انفجار سديم أول ، كما ثبت أن له عمرا مثلما تحدد العلماء اليوم عمر الشموس والكواكب ، كما تحدد عمر الأرض وطبقاتها وصخورها ، والأجل الذي تحدثت عنه الآية عمر هذا العالم الذري الذي سيأتي عليه حين من الدهر لن يكون شيئا مذكورا ، إذ يتوقف فيه دوران الكهارب السالبة حول الكهارب الموجبة فيصبح كل شيء هباء منثورا.
٣ ـ (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ (٣))
[الأنعام : ٣]
لا وجود على الحقيقة إلا لله ، فله سماء الروح أي مجمع المعقولات وتكثرها وتصرفها في المادة ، وله أرض المادة وهي عالم الذرة بدءا من أكبر مجرة إلى أصغر جرم ، وهو يعلم السر لأنه الباطن من كل شيء ، وهو الفاعل وصاحب المشيئة والقادر جبار الخواطر ومليك القلب الإنساني.
وقوله : (وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ) يعني كسب الصفة من عالم الحس ، فكل صاحب صفة يأخذ ما يوافق صفته ، ولما كانت الصفات لله فكل كسب داخل في العلم الإلهي باعتبار مرتبة الرب وعلاقة المربوب به.
٤ ، ٥ ـ (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٥))
[الأنعام : ٤ ، ٥]
الآيات المعقولات المحصلة من المحسوسات ، إذ كل محسوس معقول لابس لباس المحسوس ، والجمع آيات إلهية ، ولقد أفاض الفيلسوف كانط في الحديث عن الأفكار القبلية ، أى المعقولات التي تنصب فيها المحسوسات والانطباعات الحسية ، فيكون العالم الخارجي صورا عيانية لهذه الأفكار المسبقة العينية.
٦ ـ (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٦))
[الأنعام : ٦]
مثل إرسال السماء إرسال العلوم الإلهية من لدن الروح إلى القلب ، والأنهار نتائج تلك العلوم بعد أن تنفجر عيون ممكنات العالم الخارجي ، فإذا كفر القلب بعد ذلك ، أي لم يهتد إلى الله ، وظل محجوبا عنه ، فإن الله يهلك الكفار بذنوبهم ، ولما كان الذنب هنا هو الكفر ، أي