فالوقوف حادث حقا ولكنه مستور ، والعبد محجوب لا يدري أنه مقلب ، وأن القلب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء.
٣١ ـ (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٣١))
[الأنعام : ٣١]
الساعة ساعتان صغرى وكبرى ، وهي إشارة إلى انكشاف حقيقة الأمر ، فالساعة الصغرى للمكاشفين المحققين الذين يتحققون من كونه تعالى الفاعل على انفراد ، والساعة الكبرى إنباء عن كون الجميع في القبضة ، والوزر العبء والثقل ، وهو حمل الأسماء ، فالإنسان حامل الاسم ولهذا فهو حامل الوزر.
٣٢ ، ٣٣ ـ (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٣٢) قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٣٣))
[الأنعام : ٣٢ ، ٣٣]
الحياة الدنيا كناية عن كون الإنسان محجوبا عن الله لأن الدنيا من الدني وهو القرب من أرض العناصر والبعد عن سماء الروح ، والحياة الدنيا لعب ولهو لأن الإنسان فيها لم يعرف نفسه وبالتالي لم يعرف ربه ، فكان عمله لعبا ولهوا ، لأن القصد من خلق الإنسان عبادة الله وتعرفه.
والدار الآخرة انكشاف الحجاب ، فإذا الله حاضر ، وإذا حضوره في الذات الإنسانية بلا كيف ولا حلول ، فالدار الآخرة هي الحيوان لأنها تحقق الإنسان باسمه تعالى الحي الذي هو مفتاح الصفات الإلهية ، وتليه بقية الصفات الست ، كالعلم والقدرة والإرادة ، والسمع والبصر والكلام.
٣٤ ـ (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤))
[الأنعام : ٣٤]
كلمات الله ظهور الكليات في صور التعينات ، وظهورها بقدر كما قال سبحانه في موضع آخر : (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) [فصّلت : ١٠] ، وقوله : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (٤٩) [القمر : ال] ، فالأسماء مخلوقة بقدر ، وقدرها صراعها ودفعها بعضها بعضا إظهارا لأسماء بواسطة أسماء ، فهذه المعادلة نتيجتها النصر والفوز لأصحاب أسماء الجمال والكمال وهم الرسل ، كما أن الخسران من نصيب أصحاب أسماء القهر والجلال.
٣٥ ، ٣٧ ـ (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي