حاشاه أن يكون ملهم سواه ، وهو المليك يلهم القلب الفجور والتقوى ، مستخدما الظلام لإخراج النور ، ومستخدما النور لدحر الظلام ، ثم لا ظلام ولا نور بل هو وحده السميع البصير المتكلم ، ولهذا قال أبو يزيد البسطامي : إلام تبقى بيننا هذه الأنانية؟ إرفعها بيننا لتبقى أنت وحدك يا عزيز.
٤٥ ـ (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٥))
[الأنعام : ٤٥]
الدابر الآخر وهو العالم الظاهر من الإنسان حصيلة اسمه ، وعند الكشف يتبين أن لله الاسم الظاهر ، فيلحق كل ظاهر به ، ومجموع الظاهر عالم الظواهر.
٤٦ ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (٤٦))
[الأنعام : ٤٦]
إن هنا بمعنى فعل واقع ، إذ أن السمع والبصر والقلب أدوات له تعالى تعمل به ، ولا تعمل بذاتها ، ولهذا تابعت الآية قائلة : (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ،) والختم على القلب طبعه ، والطبع إلهي وهو مذهب أهل السنة والجماعة ، وسيأتي الحديث عنه عند الكلام عن الغلام الذي قتله الخضر.
٤٧ ـ (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (٤٧))
[الأنعام : ٤٧]
العذاب الآتي جهرة أي جهارا ، وهو ما يراه الإنسان من العالم فيتجه إليه ، ويرتبط به وبالأسباب والمسببات ، فيكون عذابه البعد عن الله ، قال السكندري : من اعتمد على المعلومات والمدخرات ، فقد عبد غير الله تعالى وهو لا يشعر.
٤٨ ، ٤٩ ـ (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٤٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٤٩))
[الأنعام : ٤٨ ، ٤٩]
الإيمان والصلاح هنا فريق الجنة المخصصون ، خصوا بالفهم عن المرسلين من مبشرين ومنذرين لأن لهم سمعا واعيا وبصرا حديدا وبصيرة مجلوة ، فتلين قلوبهم لذكر الله ، ويلبون داعي الله.
٥٠ ، ٥١ ـ (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٥١))
[الأنعام : ٥٠ ، ٥١]
النبي بين جوهر وتعين لهذا الجوهر وهو ما سمي النفس ، والخطاب هنا موجه إلى النفس