جزاء وفاقا هو من عين المورد الذي وردوه ألا وهو أن يقولوا على الله غير الحق ، والأمر داخل في نطاق المكر الإلهي والله خير الماكرين.
٩٤ ـ (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤))
[الأنعام : ٩٤]
الإنسان فرد ، وهو اسم ، والاسم حامل صفة ، فالإنسان حامل صفة ، وكما صدرت الصفة فردية عن عين الجمع كذلك ترد إليها فردية ليس معها أحد ، ولهذا فلا وحشة أشد من وحشة القبر ، الذي جاء صاحبه الله حاملا صفته وعاريا من كل تركة وراءه في الدنيا.
٩٥ ، ٩٦ ـ (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥) فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦))
[الأنعام : ٩٥ ، ٩٦]
الحب والنوى المعقول وهو بالقوة ، وإخراج الحي من الميت إخراج الحقيقة من الجسم الكلي ، وإخراج الميت من الحي إخراج الجسم الكلي من الروح ، إذ كل ما في عالم الحس ميت ، أي لا حياة فيه ، وتقول الصوفية إن عالم العيان شبحي ، ولهذا شبهه الله بالميت ، وقال سبحانه : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) [الأنعام : ١٢٢] ، وكذلك قال أفلاطون في كهف الوجود الشهير والليل الذي هو سكن وجود الروح في الجسد للسكن حتى يتم فلق المعقولات ، ولهذا خلق الله عالم العيان إذ هو تربة تبذر فيها بذور المعقولات حتى يتم فلقها وفتقها.
والشمس والقمر اللذان هما حسبان ، أي حساب ، هما مثل دورة الروح في الجسم الكلي ودورة القلب الذي هو موضع إشعاع الروح ، والحساب لإخراج العلوم في أجل معلوم.
٩٧ ـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧))
[الأنعام : ٩٧]
النجوم رمز الخواطر الإلهية تهدي القلب في ظلمات الجسد والنفس ، إذ لو لا الخواطر الإلهية لكان آدم ضائعا تائها في عالم العناصر لا يعرف له هدفا ولا غاية.
٩٨ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨))
[الأنعام : ٩٨]