مؤلف أول كتاب في التفسير الإشاري للقرآن في الإسلام : أعرف تلامذتي من يوم (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) [الأعراف : ١٧٢] ، وأعرف من كان في ذلك الموقف عن يميني ومن كان عن شمالي ، ولم أزل من ذلك اليوم أربي تلامذتي وهم في الأصلاب لم يحجبوا عني حتى وقتي هذا.
١٢٥ ـ (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١٢٥))
[الأنعام : ١٢٥]
تبين الآية فعل الله سبحانه في القلب ، وقال صلىاللهعليهوسلم : (خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام) ، فالقلب موضع تجلي الرحمن وفعله ، فعند حدوث الهدى يتقبل القلب هذا النور ويصدقه ، في حين أن الضالين لا يتقبلونه ولا يصدقونه وذلك بسبب رفض قلوبهم له ، وهو سر قدري أشار إليه صلىاللهعليهوسلم قائلا : (إن الله عزوجل خلق آدم ، ثم مسح ظهره بيمينه ، فاستخرج منه ذرية ، فقال هؤلاء للجنة ، وبعمل أهل الجنة يعملون ، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون).
١٢٦ ـ (وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦))
[الأنعام : ١٢٦]
الصراط المستقيم صراع الأسماء ، وهو صراط وجودي فاعل واصل بين الحق والخلق مضل هاد رافع خافض مذل معز نافع ضار وأداته أي مادته الفكر ، فمن داخل الإنسان لا من خارجه تتم قيادته وسوقه بإذن الله.
١٢٧ ، ١٢٨ ـ (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨))
[الأنعام : ١٢٧ ، ١٢٨]
الحشر كون الجميع في قبضة الأسماء ، وكون قبضة الأسماء في قبضة الرحمن ، والقبضة اليد النورانية التي تفعل ما تشاء ، فالحشر أزلي أبدي دائم التحقق ، وقوله : (يا مَعْشَرَ الْجِنِ) خطاب موجه إلى الجزء الباطن من الإنسان ، وباطنه خواطره ، وقوله : (قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ) يعني طلب المعقول للمحسوس وطلب الباطن للظاهر ، إذ لا سبيل إلى تحقيق معقول ما إن لم يكن الإنسان مثالا له في الظاهر ، وقوله : (وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ) يعني الجمعية الخواطرية التي هي متعة للقلب والفكر ، إذ لا يخلو القلب ـ الفكر ساعة ولا هنيهة من هذه المتعة الدائمة المتدفقة تدفق السيل والتي هي الوجود