فخافوا فراقها ، لأن النفس الجزئية ذات التعلق بالبدن لا تستغني عن هذا البدن ، لأنه آلتها ومطيتها ، وعلى هذا فالنظر إلى جهة العيان يعود النفس التعلق بالعالم المحسوس وطلب زينة الحياة الدنيا وزخرفها ، ويقذف الرعب في النفس من الموت الذي هو مفارقة العالم المحسوس.
٩٧ ـ (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧))
[البقرة : ٩٧]
التصديق بجبريل تصديق بآيات الله سبحانه ، وجبريل الحد الفاصل بين عالمي الملك والملكوت ، فهو يغرف من هذا ويفرغ في ذاك ، ولهذا كان جبريل المعلم الأول الذي استودعه الحق علومه ، ونزول جبريل تجلي اسمه العليم ، فمن هذه الصفة تميز الإنسان بالعلم وتعلم ما لم يكن يعلم.
٩٨ ـ (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ (٩٨))
[البقرة : ٩٨]
عداء الله وملائكته ورسله وجبريل عداء لعالم الروح والأصل ، ولا حياة بلا روح وأصل ، فمن خرج على هذه الأصل رد إلى الفرع ، فأكله الفرع ، وبين الأصل والفرع عداوة. لأن القهر أصلا لله فهو القاهر.
٩٩ ، ١٠٠ ـ (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلاَّ الْفاسِقُونَ (٩٩) أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠٠))
[البقرة : ٩٩ ، ١٠٠]
أول الآيات نزول جبريل بالرسالة ، ثم بالقرآن ، وكان القرآن نفسه معجزة وضعت الحد الفاصل بين الإيمان والإلحاد ، وبين التصديق والتكذيب.
١٠١ ـ (وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١))
[البقرة : ١٠١]
أراد بنو إسرائيل الاحتفاظ بالرسالة والدين لهم من دون الناس جميعا ، فلما ظهر الإسلام ، وكان ما أتى به مصداقا لما عندهم نبذوا هذا الدين ظهريا وكفروا به.
١٠٢ ، ١٠٥ ـ (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا