انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤) ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١٠٥))
[البقرة : ١٠٢ ، ١٠٥]
الشياطين إشارة إلى الأفكار الموسوسة في الصدر ، وملك سليمان حاو للشياطين ، فلقد ورث سليمان الحكمة ، وعلم أسرار الحديث ، فكان علمه حاويا للوسوسة ، عليما بطرائقها وأصلها وفعلها ، والعالم بالشيء يكون قادرا على الفكاك من أسره ، كما قال عليهالسلام : (لكل امرئ قرينه من الجن ، قالوا : حتى أنت يا رسول الله؟ قال : حتى أنا ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم) ، ولهذا جاء في الآية أن سليمان لم يكفر ، ولكن الشياطين كفروا ، فالوسوسة كفر ، والكفر حجاب ، لأن معنى كفر ستر.
والملكان خاطر اليمين والشمال ، والتفريق بين المرء وزوجه التفريق بين شطري القلب في الإنسان ، أو بين آدم وحواء ، أو بين شطري النفس ، فالمعنى واحد ، وهذا التفريق يتم بإذن الله ، وهو يتم لحكمة ، والحكمة تتجلى في الهبوط إلى عالم الحس لمطالعة الآيات المحسوسات ، أو الكليات المحسوسات ... وبعد إتمام التعليم يصطفى الله من يشاء من عباده ليجعله عبدا له صالحا يعلمه تأويل الأحاديث.
١٠٦ ، ١٠٩ ـ (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٠٧) أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٠٨) وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩))
[البقرة : ١٠٦ ، ١٠٩]
نسخ الآية نسخ العلم الحسي التجريبي ، فهذا العلم ، كما قلنا ، أصله إلهي ، ووجوده لحكمة ، ولكن الاقتصار عليه مدعاة للكفر بالله أو الشرك ، أي أن تجعل له شريكا في الملك ، فالله سبحانه أطلق العقل ليتعلم ، على أن يعود فيسترد صفة الأصل ، لذلك كان النسخ واردا بل واجبا.
١١٠ ـ (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠))
[البقرة : ١١٠]
إقامة الصلاة دعوة إلى الصلة بالله ، أي بالصوت الباطن المقابل للوسوسة ، فكل صلاة لا تؤدي إلى استماع صوت الهدى باطلة ، وكل استماع لهذا الصوت صلاة ، فالله سبحانه لا